للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ: فحدَّثْتُه بحديثِ العُرَنِيّين (١). وفي "سنن أبي داود" (٢) من رواية الرَّبِيعِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ (٣) قَالَ: سَمِعْتُ الحَجَّاجَ يَخْطُبُ، فذَكَرَ قِصَّةً. وتَرْجَمَ لَهُ شَيخنَا في "مخُتصِر التهذيب" (٤) فقاَلَ: الأميرُ الشَّهيرُ، وُلد سنةَ أربعينَ أو بعدَها يَسيراً، وكانَ أبُوهُ مِنِ شِيعةِ بنِي أُمَيَّةَ، وحَضَرَ مع مروانَ حروبَهُ، ونَشَأَ ابنُهُ بالطَّائِفِ، مؤدِّبَ كُتَّابٍ، ثُمَّ لحِقَ بِعَبْدِ الملكِ بنِ مروانَ، وحضرَ معهُ قتلَ مُصعبِ بنِ الزُّبيرِ، ثُمَّ انتدَبَ لِقِتَالِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ بمَكَّةَ، فَجَهَّزَهُ أمِيراً على الجيشِ، فحصر مَكَّةَ، ورَمَى الكَعْبَةَ بالمنْجَنيقِ إلى أن قُتل ابنُ الزُّبير، وقال جماعةٌ: إنَّه دسَّ على ابن عمرَ مَنْ سمَّه في زُجِّ (٥) رُمحٍ، وقدْ وقَعَ بَعضُ ذلكَ في "صحيح البخاري" (٦)، وولاهُ عبدُ الملكِ الحرمينِ مدةً، ثُمَّ استقْدَمَهُ فولّاَهُ الكوفةَ، وجَمَعَ لَهُ العراقين، فَسَارَ بالنَّاسِ سِيرةً جَائرةً، واستمرَّ في الولايةِ نحواً مِنْ عِشْرِينَ سنةٍ، وكَانَ فَصِيحاً بَليغاً فَقيهاً، يزعُمُ أنَّ طاعةَ الخليفةِ في كل ما يرومهُ فرضٌ على النَّاسِ، ويجادِلُ على ذلك، وخرجَ عليهِ ابنُ الأشعثِ (٧) ومعهُ أكثرُ الفقهاءِ والقُرَّاءِ مِنْ أهلِ البَصرةِ وغيرِها، فحَاربَهُ حتَّى قَتَلَهُ، وتَتَبَّعَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَعَرَضَهُمْ على السَّيفِ، فَمَنْ أَقَرَّ لَهُ أنَّهُ كَفَرَ بِخروجِهِ عَليهِ أطْلقهُ، ومَنْ امْتَنَعَ قتَلَهُ صَبراً.


(١) أخرجه البخاري، الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها (٢٣٣).
(٢) كتاب السنة، باب: في الخلفاء (٤٦٤١)، وضعفه الشيخ الألباني.
(٣) في الأصل: الزبير بن خالد الضبي، وهو خطأ، والصواب: المثبت، كما في "سنن أبي داود".
(٤) "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٨٦.
(٥) زجُّ الرُّمح هو: الحديدةُ التي تُركَّب أسفل الرمح. "لسان العرب": زجج.
(٦) كتاب العيدين، باب: ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم (٩٦٦).
(٧) عبدُ الرَّحمنِ بنُ محمَّدِ بنِ الأشعثِ الكِنديُّ، بعثه الحجَّاجُ على سجستان، فثار هناك، وأقبل بجمعٍ عظيمٍ، وقام معه علماء وصلحاء لله تعالى. قتل سنة ٨٤ هـ. "سير أعلام النبلاء" ٤/ ١٨٣ (٧٤).