للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمُّهُ الرَّبابُ ابنةُ كعبِ بنِ عدّيِ بنِ عَبدِ الأشْهَلِ، وهو صاحبُ سرِّ رَسُولِ اللهِ، وأحدُ المُهَاجِرينَ. كَانَ أبُوه أَصَابَ دَماً في قَومِهِ، فَهَرَبَ إلى المَدِينةِ، وحَالفَ بنِي عَبدِ الأشْهَلِ، فَسَمَّاهُ قَومُهُ اليَمانَ لحِلِفِهِ لليَمانِيَّةِ. استُشهِدَ يومَ أُحُدٍ على يَدِ المسلمينَ غَلَطاً، وقالَ ابنُهُ: غَفَرَ اللهُ لَكُمْ، فَمَا زَالَتْ في حُذيفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ لِذلكَ (١).

وشَهِدَ أُحُداً ومَا بَعدَهَا، وقَالَ: إنَّهُ لمْ يَمنَعْهُ مِنْ شُهُودِ بَدْرٍ إلَّا أَنَّهُ كما في "مسلم" (٢): خرَجَ هُوَ وأَبُوهُ يُريدَانِهَا، فأَخَذَهُمَا كُفَّارُ قُريشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ محمَّداً، فَقَالَا: ما نُريدُ إلا المدِينَةَ، فَأَخَذُوا عَلَيْهِمَا العَهْدَ لَيَنْصَرِفَانِّ إِليهَا ولا يُقاتِلَانِ مَعَهُ، فَلَمّا جَاءَا وَأَخْبَرَا بِذَلِكَ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نَفِي لهمْ بعهدهم، ونستعينُ باللهِ عليهِمْ".

وأَبْلَى ليلةَ الأحزابِ، وافتُتحتْ الدِّينَوَر (٣) على يَدَيْهِ عَنوةً، واستَعْمَلَهُ عُمرُ عَلَى المَدَائِنِ (٤)، فَقَدِمَهَا وهُو عَلَى حِمَارٍ عَلَى إكافٍّ (٥) سادلاً رِجلَيْهِ ومَعَهُ عِذقٌ (٦) ورغِيفٌ وهُو يأْكُلُ، وبَقِيَ عليْهَا إلى حِينِ وَفَاتِهِ (٧)، وتُوُفِّيَ بَعدَ قتلِ عثْمَانَ بِأربعينَ يوماً بِالمدينةِ،


(١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (٣٢٩٠).
(٢) كتاب الجهاد والسير، باب: الوفاء بالعهد ٣/ ١٤١٤ (١٧٨٨).
(٣) مدينة من أعمال الجبل، قرب قرميسين، وهي بإيران، خربها تيمور. "معجم البلدان" ٢/ ٦١٦، و "المنجد" ص ٢٥٥
(٤) تقع جنوبي بغداد على ضفتي دجلة. "المنجد" ص ٥٢٥. باختصار.
(٥) الإِكافُ: ما يوضعُ على الدَّابةِ ليُركبَ عليها. "القاموس": أكف.
(٦) العِذْق: القِنْو من النَّخل، والعُنقود من العنب. "القاموس": عذق.
(٧) أخرجه عبد الرزاق - صلى الله عليه وسلم - "المصنف" ١٠/ ٤٢٩ باسنادٍ رجالُه ثِقات، من مرسل محمد بن سيرين.