للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِخَيمَتَي أمِّ مَعبد -عاتكةَ- (١) ومنزلهُا بعدَ قُدَيد (٢)، فرأى شاةً خلَّفها الجَهْدُ عن الغنم، فسألها: أَبِها لبنٌ؟ قالت: هي أجهدُ من ذلك، فاستأذنها في حَلْبِها، فقالت: نعم بأبي وأمي، إنْ رأيتَ بها حَلَبًا (٣)، فمسَحَ بيدِه الطَّاهرةِ ضَرْعَها، وسمَّى اللّه تعالى، وقال: "اللَّهُمَّ بارك لها في شَاتِهَا"، فتفاجّت (٤) عليه ودَرَّت (٥) واجترّت (٦)، فدعا بإناء لها يُربض (٧) الرَّهط، فحلب فيه، ثمَّ سقاها حتى رويتْ، وسقى أصحابَه كذلك، ثمَّ شرب آخرَهم، وقال (٨): "سَاقِي القَومِ آخِرُهُم "، ثمَّ حلَب في الإناء ثانيًا، حتى ملأه وتركه عندها وارتحلوا.

وأصبح صوتٌ بمكَّةَ عاليًا بينَ السَّماءِ والأرض يسمعونه ولا يرون قائله:

جزى اللّهُ ربُّ النَّاسِ خيرَ جزائِه … رفيقينِ قَالا (٩) خَيمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ


(١) عاتكة بنت خالد بن منقذ الخزاعية. رضي اللّه عنها. "الإصابة" ٤/ ٤٩٧.
(٢) قُديد: بضمِّ أوَّله على لفظ التصغير، وادٍ كبيرٌ من أودية الحجاز يقع على بعد ١٣٠ كيلًا شمال مكة. "معجم ما استعجم" ٣/ ١٠٥٤، و "معجم معالم الحجاز" ٧/ ٩٧.
(٣) يقال: حَلَبت النَّاقة والشَّاة، أحلبها حَلَبًا، بفتح اللَّام، والمعنى: إن وجدتها تحلب.
"النهاية" ١/ ٤٢١.
(٤) فتفاجَّت، أي: فرَجت رجليها للحلب. "النهاية" ٣/ ٤١٢.
(٥) درّت، أي: امتلأ ضرعها لبنًا. "غريب الحديث" للهروي ٣/ ١٧٩، و "النهاية" ٢/ ١١٢.
(٦) اجترّت، من الجِرَّة، وهي: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه، ثم يبلعه. "النهاية" ١/ ٢٥٩.
(٧) يربض، أي: يرويهم. "النهاية" ٢/ ١٨٤.
(٨) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل الصلاة الفائتة ١/ ٤٧٤ (٣١١).
(٩) أي: نزلا وقت القيلولة، وهي النَّوم في وقت القائلة، وهي قبيل الظهر إلى أن ينتصف النهار. "غريب الحديث" للخطابي ١/ ٥٣٢.