للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينةِ، فادَّعيَاكَ، فلَا أدْرِي أيُّهماَ أبُوك (١)؟

وأقبلَ عليهِ أبو الأعورِ السُّلميُّ (٢) فقالَ لهُ الحسنُ: ألمْ يَلعنْ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رِعْلًا وذكوانَ (٣)، وعمروَ بنَ سفيانَ؟ يعني: اسمَ أبي الأعورِ، ثُمَّ أقْبَلَ عليهِ مُعاويةُ يُعِينُهُما، فَقَالَ لهُ الحسنُ: أمَا علِمْتَ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لَعنَ قائدَ الأحْزابِ وسائِقهَمْ، وكَانَ أحدَهمَا أبو سُفيانَ، والآخرَ أبو عَمروٍ رضَي الله عنهم أَجمعِين. ثُمَّ إنَّ الحَسَنَ رَجَعَ بآل بيتِهِ مِنَ الكُوفةِ، ونزلَ المدينةَ.

ومِنْ مَآثِرِهِ: أنَّهُ حَجَّ خمَسَ عشرَة حَجَّةً (٤). قِيلَ: أكثرُها مَاشيًا مِنَ المَدِينةِ إلى مَكَّةَ، وإنَّ نجائبَهُ تُقادُ معهُ.

وذكرَهُ مسلمٌ (٥) فيمنْ سكنَ الكُوفةَ، وكانَ سيِّدًا حليمًا، ذا سكينَةٍ ووَقارٍ، وحِشمةٍ، كارهًا للفتنِ والسَّيفِ، جوادًا مُمدَّحًا، كريمًا بحيثُ كانَ يجيزُ الواحدَ بمئة ألفِ درهمٍ. تزوَّجَ سبعينَ امرأةً، وقلَّمَا كانَ يفارقُهُ أربعُ ضرائرَ.

ولمَّا قَالَ أبوهُ -رضي الله عنه-: يا أَهلَ الكُوفةِ، لا تُزوِّجُوا الحسنَ؛ فإنَّهُ رجلٌ مِطْلاقٌ، قالَ لهُ رجلٌ: واللهِ لنُزوِّجَنَّهُ، فما رضيَ أمْسَكَ، وما كَرهَ طلَّقَ. وعنْ ابنِ سيرينَ: أنَّهُ تزوَّجَ امرأةً، فبعثَ إليهَا بِمئةِ جاريةٍ، مع كلِّ جاريةٍ ألفُ درهمٍ.


(١) "تاريخ دمشق" ٤٦/ ٦٠، وقال ابن عساكر: وهذا قبل إسلامهما، والإسلامُ يَجِبُّ ما قبله.
(٢) عمرو بن سفيان بن قائف. يُعدُّ في الصحابة، وقال أبو حاتم الرازي: لا تصح له صحبة ولا رواية. "الاستيعاب" ٤/ ١٦٢ (٢٨٧٨).
(٣) أخرجه البخاري في المغازي، باب: غزوة الرجيع (٤٠٩٠).
(٤) في المخطوطة: سنة.
(٥) "الطبقات"١/ ١٧٢ (٢٤١).