للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وطِيفَ جهم في المدينةِ، فجاءَ الحسينُ هذا إلى العمريِّ، فقالَ له: لم يكنْ لكَ أنْ تضرجَهم؛ لأنَّ أهلَ العِراقِ لا يرونَ به بأسًا، وكذا لم يكنْ لكَ أنْ تطوفَ بهم، فأمرَ بردِّهم وحبسِهم، ثمَّ إنَّه ويحيى بنَ عبدِ الله بنِ الحسنِ ضَمِنا الحسنَ بنَ محمدٍ، فأطلقَه مِن الحبسِ، وكانتِ العادةُ أنْ يُعرضَ المضَمونُ، فغابَ الحسنُ عن العَرضِ يومين، فأحضرَ العُمريُّ الضَّامنينِ، وسألهما عنه؟ وأغلظَ لهما، فحلفَ له يحيى أنَّه لا ينامُ حتّى يأتيَه به، أو يدقَّ عليه بابه، ويُعلمه بأنَّه جاءَه، فلمَّا خرجا عَتبَه الحسينُ على حَلِفه، وقالَ له: مِنْ أينَ تجدُ حَسنًا؟ فقالَ له: والله لا بِتُّ حتَّى أضربَ عليه بابَ دارِه بالسَّيفِ، فقال له الحسينُ: إنَّ هذا ينقضُ ما كَانَ بينَنا وبينَ أصحابِنا مِن الميعادِ؛ فإنَّهم كانوا قد تواعَدوا على أنْ يَظهروا بمنى ومكَّةَ في الموسمِ، فقالَ يحيى: قد كانَ ذلكَ، فانطلقا، وعَمِلا في ذلكَ مِن ليلتِهم، وخرجُوا آخرَ اللَّيلِ، وجاءَ يحيى حتَّى ضربَ على العُمريِّ بابَه، فلم يُجبْه، وجاؤوا فاقتحموا المسجدَ وقتَ الصُّبحِ، فلمَّا صلَّى الحسينُ الصُّبحَ أتى النَّاسُ، فبايعوه على كتابِ الله وسنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، وللمرتضى مِن آلِ محمَّدٍ، وجاءَ خالدٌ اليزيديُّ في مِئتين مِن الجُندِ، وَجاءَ العمريُّ ووزيرُه إسحاقُ الأزرقُ، ومحمَّدُ بنُ واقدٍ السَّرويُّ، ومعهم ناسٌ كثيرٌ، فدَنا خالدٌ منهم، فقامَ إليه يحيى وإدريسُ ابنا عبدِ الله بنِ حسنٍ، فضربَه يحيى على كَتفِهِ فقطعَه، ودارَ إدريسُ مِن خلفِه، فضربَه فصرعَه، ثمًّ قتلاه، وانهزمَ أصحابُه، ودخلَ العُمريُّ في المسوِّدة (١)، فحملَ عليهم أصحابُ الحسينِ، فهزموهم مِن المسجدِ، وانتهبوا بيتَ المالِ، وكانَ بضعةَ عشرَ ألف دينارٍ، وقيل: سبعون ألفًا، وتفرَّقَ النَّاسُ، فأغلقَ أهلُ


(١) أي: العباسيين، فقد كان شعارهم السواد.