للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعظُمَ شأنُهُ بالأقطَارِ الحِجازَّيةِ عندَ أمَرائِها وأشْرَافِهَا، وقُضاتِهَا وعَرَبِهَا وقَبائِلِهَا، بحيثُ كاد الانفِراد بذلك معَ إِمساكِهِ، ولكنَّهُ في الجُملةِ أبسَطُ من أخِيهِ، وصارَ يَعمَلُ المولدَ (١) في ليلتِهِ بالروضةِ النَّبويةِ بينَ العِشائين، ثُمَّ بمنزِله بعدَ العشاءِ، ويقرأُ الشَّمسُ المسكينُ بينَ يديهِ مِنْ محلِّ جلُوسِهِ بصحنِ المسجِدِ الشَّريفِ في السِّيَر والحدِيثِ والتَّفسِيرِ، ونحوِ ذلك، ويحضرُ ذلك مَن شاءَ الله مِنَ القضاةِ وغيرِهِم، ولا يَخْلُو غالبُ أوقاتِهِ عنْ تِلاوَةٍ أو مُطالعةِ، معَ سُبُعٍ يقْرؤُهُ كلَّ ليلةٍ في جماعَةٍ، بعدَ صلاةِ العِشاءِ.

وكانَ قبْلَ ذلك يتذاكَرُ في "شرحِ الهدَايةِ" مع الشَّمسِيِّ ابنِ جلالٍ، وقبلَهُ قليلًا مع عثمانَ الطَّرابلسِيِّ، ويجوِّدُ القرآنَ قبلهُ، وبعدَهُ مع الشَّمسِ البَسْكريِّ، ويَتخاصمُ -بِمجلسِهِ أو بِحضرتِهِ- الطَّلبةُ بالكلماتِ الفاحشةِ المنكَرةِ، والمشافهاتِ القبيحةِ، ولا يُنكِرُ عليهمْ.

ولما كنتُ بالحضرةِ الشَّريفةِ تكرَّرَ بينَ الخطيبِ الوزيريِّ، والشَّريفِ السَّمهوديِّ مِنْ ذلك ما لو لم يكنْ يرضِيهِ ما جسرَ الخطيبُ عليهِ.

وكان يُرغّبنِي في الزِّيارةِ النَّبويَّةِ، ويُفهمُ تلقُّنه للأخذِ، فلمَّا قدمتُها في أثناءِ سنةِ ثمانٍ وتسعينَ، كانتْ معاملةُ قانمٍ معي أحسنَ، بل لا نسبةَ لهذا بهِ. نعم عندهُ مِنْ تصانِيفِي أشياء. واللهُ يحسنُ العاقبةَ.

وتزوَّجَ ابنةَ أستان بعدَ موتِ زَوجِهَا الأميرِ خيرِ بك الظاهريِّ خشقدم، ثُمَّ


(١) تقدم الكلام على ذلك في ١/ ٢٧٤.