للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزَّاهدينَ- فلمَّا جاء وقتُ تفرقةِ التَّمرِ على المجاورِينَ، أرسلَ إليهِ بِنصِيبِهِ على العادةِ، فتورَّعَ وردَّه، فجاءَهُ الشَّيخُ، وقال له: لأيِّ شيءٍ تردُّ (١) التَّمرَ وأنتَ لم تَزَلْ تأخذُهُ؟!

فإذا كُنتَ غنيًا عنهُ صرفتَهُ على مُستحِقِّيهِ، ولا تردَّهُ في وجهِي، فقالَ له: أنتَ خالفتَ في الأوقافِ (٢) المعاملةَ الشَّرعِيَّة، وعملتَ فيهَا بمَا لا يجوزُ، وأدخلتَ علينا الشُّبهةَ فيما تتناولُهُ مِنها، وهذا لا يجوزُ لكَ، ولا يحِلُّ لنَا أن نأخذَهُ مِنكَ، فاشتدَّ عليهِ كلامُه، وكونُ ذلك يُنقَلُ عنه، وكانوا يَغارُون على عِرضهِم ودِينهِم مِن مِثلِ هذا ودونِهِ، وكأنَّه شكى حالَهُ معهُ إلى الأمِيرِ جمّاز، وكان بينهُ وبينَ الشُّرفاءِ خُلَّةٌ وصحابةٌ أكيدةٌ، فاغتاظَ الأميرُ، وأمرَ بإخراجِ أبي العلاءِ منَ المدينةِ، فبلغَ ذلكَ صاحبَ التَّرجمةِ والجماعةَ، فعزَّ عليهِمْ، وأرسلَ إليهِ صاحبُ التَّرجمةِ؛ ليترَكَ له صاحبَه، ولا يُشدِّدَ عليهِ، ويردَ الأميرَ عنه، فلمْ يفعلْ، فقِيلَ لِي: إنَّهُ بعثَ إليهِ جماعةً مِنْ أصحابِهِ بعدَ العشاءِ، فدخلُوا عليهِ بيتَهُ، فوجدُوهُ مضطجِعًا على سريرِهِ، فوقَفُوا بين يديْهِ كاشفينَ عنْ رؤوسِهِم في الاستغفارِ، فغَفلَ عنهُمْ، فنَامَ وعليهِ النَّومُ (٣)، فما استيقظَ حتَّى ذهبَ جانبٌ من الليل، فوجدهُمْ قيامًا على حالهِم، فعزَّ عليهِ، وقالَ: اذهبُوا حتَّى يأتِيَني هو بِنفسِهِ أو نحوَ ذلكَ، فرجعُوا


(١) في المخطوطة: تمر، وهو تحريف واضح.
(٢) في المخطوطة: الأوقات، وهو تحريف.
(٣) كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: وضُربَ عليه النوم.