للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بدونِ قضاءِ حاجةٍ، فأخبرُوا صاحبَ التَّرجمةِ بذلك، فاغتاظَ، وخَرجَ لصلاةِ الصُّبحِ، فاجتمعَ بالقويضيِّ ابنِ أبي النَّصرِ (١) مُفتِي الإماميَّةِ وشيخِهِم، وكان يَعتقِدُ في صاحِبِ التَّرجمةِ، فحكَى له الحِكايةَ، فجاءَ إلى شيخِ الخدَّامِ، فكلَّمهُ، فأنعَمَ لهُ، وقبِلَ شفاعتَهُ، ثُمَّ جاءَ، فأعلَمَ صاحبَ التَّرجمةِ بذلكَ؛ ليَكون لهُ عليهِ بذلكَ يدٌ، فلمَّا خرجَ جمعَ صاحبُ التَّرجمةِ أصحابَهُ، وحكَى لهمْ ما جَرَى مِنْ شيخِ الخدَّامِ في عدمِ قبولِ الفُقراءِ، وقبولهِ ابنَ أبِي النَّصرِ، فتغيَّرتْ خواطرُهم عليهِ؛ فمرِضَ مِنْ حينِهِ، واشتكَى حتَّى طلبَ مِنهم المحاللةَ والرِّضَى، فنفَذَ فيهِ السَّهم، وانقضَى الأمرُ، فقضَى.

وأخبرني الجمالُ المطريُّ -وكانَ مُلازمًا خِدمتَهم؛ لأنَّ مسكنَهُ في الحجرةِ التي عِندَ بابِ رباطِهم- أنَّ صاحبَ التَّرجمةِ لمّا دخلَ مكَّةَ، قصدَ زيارةَ النَّجمِ الأَصبهانيِّ (٢)، فلمَّا جلسَ إليهِ أرادَ أنْ يسألهُ عنِ اسمِهِ، فبادرَهُ وقالَ: اسمِي مَكتوبٌ بينَ عَيْنيكَ، ففَهِمَ مقالَهُ، وأنَّه كاشفَهُ (٣)، وأنَّ اسمَهُ -كاسمِهِ- عبدُ اللهِ.

واتفقَ أنَّنِي لمَّا عزمتُ على التَّوجُّهِ لمكَّةَ مِنْ طريقِ الماشِي في حالِ الشُّبوبيَّةِ سنةَ عشرٍ وسبعِ مئةٍ ظنًا جاءَ أبي إليهِ، وأعلمَهُ بذلكَ، فأمرَهُ أنْ يرسلنِي إليهِ، فجِئْتُهُ، فقال لِي: بَلغنِي أنَّكَ تُريدُ مكَّةَ؛ فقلتُ: نعمْ؛ لأجلِ العُمرةِ في رمضانَ، فقال لي:


(١) "نصيحة المشاور": ٦٩.
(٢) عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ محمَّدٍ الأصبهانيُّ، الشَّافعيُّ، توفي سنة ٧٢١ هـ. "الدرر الكامنة" ٢/ ٣٠٢.
(٣) مصطلح المكاشفة يستخدم بعدة معان، ولعل المقصود هنا أنه من قبيل الحدس، والله أعلم.