للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمَّد ثلاثةَ عشرَ رجلًا من ولدِ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ صبرًا (١) حسبما يجيء بسطُ هذا في التراجم.

في سنةِ أربعٍ وخمسين وستِّ مئةٍ: كانَ ظهورُ النَّارِ بظاهرِها شرقيِّها، وكانت من الآيات العظام، أضاءتْ لها أعناق الإبل ببُصرى، ودامتْ إيَّامًا وأشهرًا، وظنَّ أهلُها أنها القيامة، إلى أن انطفأتْ عندَ وصولها إلى حَرَمها (٢)، ولكن لم تمضِ السَّنةُ حتى احترقَ المسجدُ النَّبويِّ بعد انطفائِها ليلةَ استهلال رمضان.

وقبل هذا كلِّه في أيَّامِ أميرِ المؤمنين عمرَ بنِ الخطَّاب، خرجتْ نار بالحَرَّةِ، فجاء إلى تميمٍ الدَّاريِّ فانطلق معه فجعل -أعني تميمًا- يحوشُها بيده، حتى دخلت الشِّعب، ودخلَ تميم خلفَها، رواها البيهقيُّ في "الدلائل" (٣).

وبعد هذا كلِّه بدهرٍ: احترقَ المسجد في رمضانَ سنةَ ستٍّ وثمانين وثمان مئةٍ بنزول صاعقةٍ احترقَ بنارِها سقفُه، وحواصلُه وخزائنُ كتبه، ورَبَعاتُه، وهلالُ منارته الرَّئيسية، ولم يبقَ من قناطِره وأساطينِه إلا اليسيرُ جِدًّا، وصارَ كالتَّنورِ، مع جماعة كثيرين من الأعيان وغيرهم، حسبما شرحتُه في الحوادث، وقال الشُّعراء في ذلك، فأكثروا، وكان من قديمه:

لم يحترقْ حَرَمُ النَّبيِّ لرِيبَةٍ … تُخشَى عليهِ ومَا بهِ مِنْ عارِ

لكنَّهُ أيدي الرَّوافضِ لامَسَتْ … تلكَ الرُّسومَ فَطُهِّرتِ بالنَّارِ (٤)


(١) انظر "تاريخ الطبري" ١٠/ ٧، و "البداية والنهاية" ١١/ ٤٩.
(٢) انظر "نصيحة المشاور" ص: ٢٢٨ - ٢٢٩، و "السيرة" لابن كثير ١/ ٣٢٢.
(٣) "دلائل النبوة" للبيهقي ٦/ ٨٠.
(٤) "وفاء الوفا" ٢/ ٣٧٣، و "نصيحة المشاور" ص: ٢٣٠.