للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على أخِي عَطِيَّةَ، فإنَّ تَقَدُّمِي عليهِ خطأٌ أو خطيَّةٌ، وهو أصلحُنا وأولانَا، وأسْوَدُنا وأعلَانا، وخيرُنا في دِينِنَا ودُنيَانَا، وعليهِ تقعُ قرعةُ الاختيارِ ولا ثُنْيَانَا.

فاتفقتِ الآراءُ على تقدِيمِهِ وتأمِيرهِ، وتسوِيدِهِ في الأشرافِ وتكبِيرهِ. كلُّ ذلكَ وهو غائبٌ في عربِهِ، وليسَ هذا الأمرُ مِن بُغيتهِ ولا مِن أَرَبِهِ.

فكُتِبَ إلى السلطانِ شفاعةٌ في أن يُوليَّ عليهم الأميرَ عطيةَ، وأنه أوفقُ وأصلحُ للمدينة والرَّعية.

وسافرَ نُعيرٌ بالشَّفاعة إلى السلطان، فلما وصلَ مصرَ أمرَ بحبسِه شهرًا من الزَّمان، ثم طُلبَ وخُلع عليه، وكُتبَ تقليدُ الأميرِ عطيةَ بالولاية، وجهزَ صحبتَه إليه، فحضرَ نُعيرٌ في ثامنِ ربيعٍ الآخرِ سنةَ ستين بالخِلعة والتقليد، وحضرَ الأميرُ عطيةُ ولبسها.

وباشرَ الولايةَ بالطَّالعِ السَّعيد، والرَّأي السَّديد، والسَّريرة المحمودة، والسَّيرة الحميدة، فلم يزلْ في ولايته ساعيا في مصالحِ المسلمين، راعيًا للبلادِ بالتَّطمين والتأمين، داعيًا إلى الله بما يجبُ على كلِّ مسلمٍ التَّأمين، سائسًا للمُلك سياسةً مقطوعةَ العيوب، ماشيًا (١) بسيرةٍ أَحيتْ بها شيئًا مِن سِيَر ابنِ (٢) أيوب، شيمتُه العبادة والصَّلاح، وطريقتُه التَّوجُّهُ إلى الله بالغُدُوِّ والرَّواح، والإمساءِ والإصباح،


(١) في الأصل: مايسا، والمثبت من "المغانم" ٣/ ١٢٥٦.
(٢) في الأصل: بني، والمثبت من "المغانم" ٣/ ١٢٥٦. والمقصود بذلك هو السلطان صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله.