للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنُ الجوزيّ للنَّاس.

وكانَ هو أوَّلَ مَن اتَّعظ بغيرِه، وانتفعَ بوعظِه، فإنَّه صارَ يلازمُ الصِّيامَ ويسرُدُه، ويقومُ مِن اللَّيلِ أكثرَه، ورقَّتْ نفسه، ودرَّتْ دمعتُهُ، كأنَّه عَلِمَ بقُرْبِ الأجل، فبادرَ للعمل، حتَّى كانَ يقولُ: والله نَدِمتُ على ما أفنيتُ فيه عمري مِن الاشتغالِ بعلمِ الأدبِ، يا ليتَه كانَ في الكتابِ والسُّنَّةِ.

قالَ (١): وكانَ يرى لي (٢) فوقَ ما يرى الولدُ الوالدَ في التَّعظيمِ والحياءِ والإكرام، وأمَّا الغيرةُ عليَّ والانتصارُ لي واهتمامُهُ بحالي وما يعرِضُ لي من عَدُوٍّ يشنَأُني، فلا يوصَفُ قدرُهُ، فلله دَرُّه، وبلَّ بالرَّحمةِ قبرَهُ.

وأرَّخَهُ الحُسَينيُّ (٣) في "ذيل العبر" (٤) [في] رجبٍ، وكأنَّه ببلوغِ الخبر، فقد اتفق أخوه وأبوه على جمادى الثَّانية، وهو أمسُّ (٥).

ووصفَه الحسينيُّ بالمحدِّثِ المفيدِ الزاهدِ، وتبعه في توريخه برجبٍ الزَّينُ العراقيُّ في "وفياته"، وقالَ: كانَ أحدَ فضلاءِ المدينةِ، قرأَ الحديثَ، وكتبَ الطِّباقَ، وسمعَ على الرضيِّ الطَّبريِّ في آخرين، وحدَّثَ.


(١) أي البدر ابن فرحون في "تاريخه" ص ٢٧٠.
(٢) في الأصل: يراني، والتصويب من "نصيحة المشاور".
(٣) أبو المحاسن، شمسُ الدِّينِ، محمَّدُ بنُ عليٍّ الحسينيُّ، الدمشقيُّ، محدِّثٌ مؤرِّخٌ، مولده سنة ٧١٥ هـ، ووفاته سنة ٧٦٥ هـ. "لحظ الألحاظ"، لابن فهد، ص ١٥٠، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٦١.
(٤) "ذيل العبر"، ص: ٢٥٢.
(٥) هكذا في الأصل.