للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ المجدُ (١): سبقَ الأقرانَ في علومِ العربيةِ، والفنونِ الأدبيةِ،

وبَذَّ (٢) كلَّ مجتهدٍ في العلمِ مُعَاني، وسبقَهم في اللُّغةِ والنَّحوِ، والبيانِ والمعاني، معَ ما حوى مِن علم الفقهِ والأصول، وروى مِن السُّنن وأحاديثِ الرَّسول، فصنَّفَ وأفادَ، وألَّفَ وأجادَ.

ووضعَ في الحديثِ والتَّصوُّف واللُّغةِ جملةً من الكتبِ الجيادِ، وله "ديوان شِعر" أكثرُه في مدحِ سيِّدِ المُرسلين صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبِه الأكرمين.

كانَ يحضرُ درسَهُ أكابرُ الفقهاءِ المالكية، فَيُثنون على درسِه بالثَّناء الجميلِ، وكلٌّ منهم إلى معاودتِهِ وحضور درسِهِ يرغبُ ويميلُ.

وله ميعادُ وعظٍ بعد صلاةِ الجمعةِ، يقعُدُ في الرَّوضة الشَّريفةِ على كرسيٍّ عالٍ، ويعظُ بأداءٍ غريبٍ، وصوتٍ مُطربٍ لا يهتدي إلى سامعه المَلالُ، وإنْ أطنبَ وأطالَ، بل كلَّما زاد إطنابًا، زاد إطرابًا، وكلَّما أكثرَ إغرابًا، ازدادَ الحاضرون إعرابًا، حسُنَ حالُه، وكَلِفَ به كلُّ قلبٍ وأحبَّه، وأصبحَ كلُّ نفسٍ تَهوى وعظه صَبَّةً، حتَّى كأنَّه سلبَ ابنَ الجوزيِّ لُبَّه.

وكانَ رحمَه الله أوَّلَ من اتَّعظ بمقالهِ، فصارَ يجتهدُ في إسراعِ مِرْقَالِهِ (٣)، يسردُ الصِّيامَ، ويقومُ اللَّيلَ والنَّاسُ نيامٌ، ويتحسَّرُ على ما أذهبَه في علمِ الأدبِ مِن


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٤٩.
(٢) بذَّ: غلب. "القاموس": بذذ.
(٣) يقال: ناقة مرقال: مسرعة. "القاموس": رقل.