للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حدَّثَ عن الرَّشيدِ العَطَّارِ، وأجاز له الشَّرَفُ المُرسِيُّ (١)، والمنذريُّ، وتفقه بالعزِّ ابنِ عبدِ السَّلام قليلًا، ثم بالسَّديدِ التِّزمَنْتيِّ والنَّصيرِ ابن الطَّباخِ، وأئمَّةِ وقته.

وقدمَ المدينةَ سنةَ اثنتين وثمانين وستِّ مئةٍ مُتولِّيًا للخطابةِ، وكانت بأيدي آل سنانِ بنِ عبد الوهابِ بنِ نُميلةَ الشَّريفِ الحسينيِّ، وكذا كانَ الحكمُ أيضًا راجعًا إليهم، لم يكنْ لأهل السُّنَّةِ خطيبٌ، ولا حاكمٌ منهم، والظاهرُ أنَّ ذلك منذُ استولى العُبيديُّونَ على مصرَ والحجاز، فإنَّ الخُطبةَ في المدينةِ كانت باسمهم (٢).

فلمَّا كانَ في سنةِ اثنتين وستين، وقعَ قحطٌ بمصرَ ووباءٌ لم يُسمعْ في الدُّهور مثلُهُ، وكادَ الخرابُ يستولي على وادي مصرَ، حتَّى ذُكِرَ أنَّ امرأةً خرجتْ وبيدها مُدُّ جوهرٍ لمن يأخذه بمُدِّ بُرٍّ، فلم يلتَفِتْ إليها أحدٌ، فألقتْهُ، وقالتْ: لا أريدُ شيئًا لا ينفعُني وقتَ الحاجةِ، فلم يلتفتْ إليه أحدٌ (٣).

واشتغل العبيديُّونَ بما أصابَهم مِن ذلك، فحينئذٍ تغلَّبَ الخلفاءُ العباسيُّون على الحجازِ، وأُقيمتِ الخُطبةُ لهم مِن ذلك العهدِ إلى يومنِا، وكانَ أخذَ الخطابةَ مِن آل سنانٍ في سنةِ اثنتين وثمانين كما تقدَّمَ، واستمروا حكَّامًا على حالهِم.


(١) محمَّدُ بن عبدِ اللهِ بنِ محمَّدٍ الأندلسيُّ، النَّحويُّ، المحدِّثُ، المفسِّر، توفي سنة ٦٥٥ هـ. "الوافي" ٣/ ٣٥٤.
(٢) كانَ بدء الخطبة لهم بمصر سنة ٣٦٢ هـ. انظر "البداية والنهاية" ١١/ ٣٢٩، ٣٤١.
(٣) "المنتظم" ٨/ ٢٥٦، و "مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان" أحداث سنة ٤٦٢ هـ، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣١٥.