للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المقصود، وكذا قُرئ عليَّ بحضرتِهما تأليفي "العدَّةُ في إعرابِ العمدةِ"، قراءةَ بحثٍ وتفهُّمٍ، وحصلَ بذلكَ خيرٌ كثيرٌ، فإنِّي وضعتُه على مثالٍ لم أُسبقْ إليه، وحَبَرْتُه على منوالٍ لم يُنسج عليه، فصوَّبا -والحمدُ للهِ- ما وضعتُ، وشَكرا إليَّ ما صنعتُ، جزاهما اللهُ خيرًا، وكانَ القارئُ التَّاجَ عبدَ الواحدِ بنَ عمرَ بنَ عيَّاذٍ الماضي وأخوه.

هذان الشيخان واتِّحادُهما، واتِّفاقُهما في الأخلاقِ، والأقوالِ، والأفعال، لم أرَ مثلهما، ولم أسمعْ بذلكَ، لا يملكُ أحدُهما دونَ أخيه شيئًا، ولا يتخصَّصُ عنه بشيءٍ مِن أمورِ الدُّنيا، قلَّ أو جلَّ، ولا يلبسُ أحدُهما غيرَ ملبسِ الآخرِ، لكلِّ واحدٍ منهما مثلُ ما لصاحبِه.

إنْ فصَّلا ثيابًا فمِن نوعٍ واحدٍ، ولونٍ واحدٍ، وكذا في العمائمِ، والفُوَط، والدَّلوق (١)، وثيابِ التَّجمُّلِ، وثيابِ المهنةِ، ولباسِ الشِّتاءِ والصَّيفِ، وكذا الفرشُ والأوطية (٢)، والأنطاع (٣) والوسائدُ، والنِّعالُ وغيرها، وإذا لبِسا لبِسا لونًا واحدًا، بياضًا كانَ أو غيرَه، لا يمكنُ أنْ يُغيِّرَ أحدُهما لباسَه دونَ الآخر، ويأكلان جميعا، ويرقدانِ جميعًا في بيتٍ واحدٍ، وأعرضَا معًا عن التَّزوُّجِ والتَّسرِّي، رغبةً في دوامِ الصُّحبةِ، وخوفًا مِن أسبابِ الفُرقة، وكانَ معهما مملوكٌ لهما يخدمُهما.

وكانَ صاحبُ التَّرجمةِ ضريرًا، بسببِ جُدَريٍّ عرضَ له في صغرِه، بعدَ


(١) الدَّلوق: الفرو. "المعجم الوسيط" ١/ ٢٩٤.
(٢) الأوطية: جمعُ الوِطاء، خلافُ الغطاء. "القاموس المحيط": وطأ.
(٣) النِّطع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك: بساطٌ من الأديم. "القاموس المحيط": نطع.