للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانَ صاحبُ الترجمةِ خطيبًا مِصْقعًا إذا خطبِ على المنبر يُسمَعُ مَن طرف السُّوقِ مع ما في السُّوق من اللَّغَطِ، بل لو أنصتَ له مُنصِتٌ من أعلى سورِ المدينةِ سَمِعَ كلامَه مع الفصاحةِ العظيمةِ، وحسنِ الأداء.

وبدت [منه (١)] سقَطَاتٌ لا تليقُ بالحكَّام، منها تصحيفُةُ المثلَ المشهور: إذا قالتْ حَذامِ فصدِّقوها (٢)، فقال: بالخاء المعجمة المضممومةِ والدَّالِ المشددة، ويقالُ: إنَّه زعمَ أنَّ المرادَ بذلك خُدَّامُ الحرمِ النبويِّ.

فلمَّا كانَ في سنةِ أربعٍ وخمسين، سافرَ جماعةٌ من المجاورينَ، وأشاعوا عنه هذه الأشياء، وكانَ القاضي عزُّ الدِّين ابنُ جماعةَ مِن أعظمِ الناس كراهيةً في ولايتِهِ للمدينةِ، يعني بحيثُ كانت بغيرِ اختياره، وكذا الشَّريفُ أبو العباس الصفراويُّ (٣)، المغربيُّ، وكانت للصفراويِّ وجاهةٌ عند الأمراء، فشجَّع المجاورين على التكلُّمِ فيه مع الأمراءِ، فكتبوا فيه قِصَّةً، وعدَّدوا فيها ما نَقَمُوا عليه، وساعدهم في الباطنِ هو وابنُ جماعةَ، فعُقِدَ له مجلسٌ بدار العدل، وأُحضرَ الحجازيون جميعًا، فشهدوا عندَ القاضي عزِّ الدِّين، بمحضرِ باقي القضاةِ الأربعةِ، فقَبِلَ شهادةَ بعضِهم، وثَبَتَ ما نُسِبَ إليه، فعُزِلَ، ووليَ القاضي بدرُ الدِّينِ ابنُ


(١) ما بين معكوفين من: "نصيحة المشاور".
(٢) "فصل المقال في شرح كثاب الأمثال"، ص: ٤١.
(٣) في "نصيحة المشاور": الصفروي.