للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ألحقنا بِنَسَبِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وصيَّرنا من ذريتِهِ إجماعًا، وشرفاءَ عند أكثرِ العلماء، كما أفتى به ناصر الدِّين المشدَّاليُّ (١)، وغيره مِمَّنْ هو مثلُهُ في العلم، وكمل بِرُّه بأن علَّمَنَا، فأحسنَ تعليمَنَا، وأدَّبنا، فأحسنَ تأديبَنَا.

واتفَقَّ أنه قرأ في بعض كتبِ الرقائقِ، أنَّ رجلًا كانَ يسألُهُ جارُهُ أن يُزوِّجَهُ إحدى بناتِهِ، فيقول له: لا حاجةَ لي بالتزويج، فبينما هو نائمٌ، إذ رأى كأنَّ القيامةَ قد قامت، وأنَّ الناس في شدَّةٍ، وحرٍّ عظيم، وعَطَشٍ زائدٍ، وكانَ بينهم وِلْدَانٌ معهم أكوازٌ (٢) يتخلَّلُونَ الناسَ، قالَ: فقلتُ لأحدِهِم: يا ولدي، اسقِني فإني عطشانُ، فقال: اذهبْ، فما لك فينا واحدٌ، قال: فاستيقظتُ وبي رَجْفةٌ عظيمة، فأتيتُ بابَ جاري فدققتُهُ، وقلتُ له: زوِّجني إحدى بناتِكَ الآن، فلي قصَّةٌ عجيبةٌ، فزوَّجه، ولم يأتِ عليه الصَّباحُ إلا وهو مع زوجتِه.

فلمَّا قرأها الوالدُ كان سببًا لإجابةِ الجماعةِ الذين عَرَضُوا (٣) عليه التزويجَ، وكانَ بناؤُهُ بها ليلةَ الاثنين سادسَ عشرَ صفرَ سنةَ اثنتينِ وتسعينَ وستِّ مِئَةٍ، فولدتْ له خمسةَ ذكورٍ، تُوُفِّي منهم في حياتِهِ اثنانِ، وكانَ يقولُ: عندي مَسَرَّةٌ بمَن قدَّمتُه أكثرُ منها بكم؛ رجاءً لما وقع في الحكايةِ السابِقَةِ.


(١) ناصرُ الدِّين، منصورُ بن أحمد المَشدَّالِّيُّ، المغربيُّ، نسبة إلى قبيلةٍ من زواوةَ، فقيةٌ مالكيٌّ، محدِّث، له رحلة طويلة في طلب العلم، له: "شرح رسالة ابن أبي زيد"، مولده سنة ٦٣٢ هـ، ووفاته سنة ٧٣١ هـ. "عنوان الدراية" ص: ٢٢٩، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٣٦١، و"نيل الابتهاج" ٢/ ٦٠٩.
(٢) أكواز جمع: كُوز. "الصحاح": كوز.
(٣) في الأصل: عرضها، وهو خطأ.