للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معه قَضِيَّةٌ، وهي أني كنتُ إذا صلَّيتُ الصُّبحَ، أجلسُ في مُصَلَّايَ حتى تطلعَ الشَّمسُ، وأُصلِّي الضُّحى ثمَّ أنصرفُ، وكان في الرَّوضَةِ جماعةٌ من الأشياخِ المباركينَ، قالَ: وكنتُ أرتقِبُ بصلاتي ارتفاعَ الشمس، والناسُ يرقبون قيامِ أبي عبدِ الله، ويقومونَ لقيامِهِ، وكانَ يقومُ إذا وصلتْ في الحائطِ الغربيِّ إلى تحتِ الشَّبابيكِ الصِّغارِ، فاجتمعتُ به، وأنا به جاهلٌ، فقلتُ له: رأيتُكَ تقومُ لصلاةِ الضحى قبلَ وقتِها، وقد نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عنها حتى ترتفِعَ الشمسُ وتبيَضَّ، وهذا وقتُ كراهَةٍ، وكثَّرتُ عليه من الأدلَّةِ، وأنا في اجتهادٍ، وحِدَّةٍ، فلمَّا فَرَغَ ما عندي، التفتَ إليَّ، وقال لي: بعدَ هذا اليومِ نُؤخِّرُ كما قلتَ، وسكتَ عني، واشتغلَ بما كان فيه فانصرفتُ عنه، وسألتُ عنه، فقيل لي: إنَّهُ فلان، فَنَدِمْتُ، وقلتُ: أيُّ حاجةٍ دعتْنِي إلى التَّعرُّضِ لهذا الشيخِ؟ فرجعتُ إليه، واعتذرتُ، فتبسَّم، وقالَ: ما قلتَ إلا خيرًا، قالَ: فأنا أدعو له كُلَّما ذكرتُهُ.

وقالَ لي أبو عبدِ الله محمَّدٌ الغُرناطيُّ (١): كنتُ جالسًا في المسجدِ الشريفِ مع أبي عبد اللهِ القَبتوريِّ (٢)، قال: فقال لي: يا محمدُ، رأيتَ قطُّ الكبريتَ الأحمرَ الذي


(١) محمَّدُ بنُ محمَّدٍ الغرناطيُّ، نزيل المدينة، فَرَضيٌّ، مقرئ، جمع القراءات، واستقرَّ مؤذِّنًا بالحرم المدني، وأمينًا على الحواصل، كان ذا عفةٍ ومعرفة، توفي سنة ٧٥٤ هـ، وله ٨١ سنة. "تاريخ ابن فرحون"، ص: ١٥٧، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٢٣٦.
(٢) اسمه خلفٌ، وقد تقدَّمت ترجمته في موضعها.