للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَصاصٍ عظيمٍ، وحفرَ خندقًا عظيمًا إلى الماءِ حول الحجرةِ الشريفةِ كُلِّها وأُذيبَ ذلك الرَّصاصُ وملأَ به الخندقَ فصارَ حولَ الحُجرةِ سُورًا رصاصًا إلى الماءِ، ثم رجعَ إلى مُلكهِ وأمر حينئذٍ بإخمادِ النَّصارَى وتركِ استعمالِ كافرٍ في عَمَلٍ من الأعمالِ وقَطعِ المُكوسِ بأجمَعِها. انتَهى.

وقَد أشارَ إليها الجمالُ المطريُّ (١) باختصَارٍ مع بَعضِ مخُالفةٍ فإنَّه قَال في الكلامِ على سُورِ المدينةِ المحيطِ بها اليومَ: إنَّ السُّلطانَ المذكورَ وصلَ في سنةِ سبعٍ وخمسينَ وخمسِ مئةٍ إلى المدينةِ بسببِ رُؤيا رآهَا ذَكرهَا لبعضِ النَّاسِ، وسمعتُها من الفقيهِ علمِ الدِّينَ يعقُوب بنِ أبي بكرٍ المحترقِ أبوُه ليلةَ حريقِ المسجدِ عمَّن حدَّثُه من أكابرِ من أدركَ السُّلطانَ محمودٍ أنَّه رأَى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاثَ مرارٍ في ليلةٍ واحدةٍ وهو يقُول لهُ في كلِّ مرةٍ: يَا محمودُ أنقِذنِي من هَذينِ لِشَخصَينِ أشقَرينِ تُجَاههُ، فاستحضرَ وزيرَه قبلَ الصُّبحِ وأعلمَهُ بذلكَ فقَال لهُ: إنَّ هذا لأمرٌ حَدَثَ بالمدينةِ ليسَ لهُ غيرُكَ، فتجَّهزَ وخرجَ عَجِلًا في مقدارِ ألفِ راحلةٍ وما يتبَعُها من خيلٍ وغيرِ ذلك، حتى دخلَها على حينِ غفلةٍ من أهلِها والوزيرُ معه، فزار وجلس في المسجدِ لا يدري ما يصنَعُ، فقال له الوزيرُ: أتعرِفُ الشَّخصَينِ إذا رأيتَهما، قال: نعم، فطلبَ النّاسَ عامّةً للصَّدَقَةِ وفرَّقَ عليهم ذهبًا كثيرًا وفضّةً، وسأل: هل بقي أحدٌ؟ فقيل: لم يبنَ إلا رَجُلينِ مجاوِرَينِ من أهل الأندلسِ نازِلَينِ في الناحيةِ التي في قبلَةِ الحُجرَةِ من خارجِ المسجدِ عند دارِ عمرَ بنِ الخطابِ التي تُعرَفُ اليومَ بدارِ العَشَرَةِ، فطَلَبَهما للصَّدَقةِ فامتنعا وقالا:


(١) "التعريف بما أنست الهجرة" ص: ٢٠٨، "المغانم المطابة" ٢/ ٤٧٤، "وفاء الوفا" ٢/ ٥٢١.