للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في كثيرٍ من الصَّنائعِ أستاذٌ، بل بعضُها بالنَّظرِ، ومع ذلكَ فهو خاملٌ بالنِّسبةِ لكثيرينَ ممَّن هم دونَه بكثيرٍ، وقد تصدَّى للإقراءِ بالأزهرِ على رأس الخمسين، وأقرأَ كتُبًا في فنونٍ، وحجَّ غيرَ مرَّةٍ، وجاورَ بالمدينةِ النَّبويةِ في سنةِ ستٍّ وخمسين، ثمَّ بعدَها، وأقرأَ بها أيضًا كُتبًا في فنونٍ، وقرأَ فيها "الصَّحيح" على المحبِّ المطريِّ، ونحوَ ثلثِه الأخيرِ على الجمالِ الشُّشتري (١)، وجميعَ "الشِّفا" على التَّاجِ عبدِ الوهَّابِ ابنِ أخي فتحِ الدِّينِ ابنِ صالحٍ وأخذَ عنه غيرُ واحدٍ من أهلِها، وكانَ عزمُه على الإقامةِ، فما تهيَّأ له، وزارَ بيتَ المقدسِ والخليلَ، ودخلَ إسكندريةَ وغيرَها؛ كدِمياط، ورسخَ قدمُه فيها مِن سنةِ إحدى وستين، وانتفعَ به جماعةٌ من أهلِها، وغيرِهم، وصارَ يتردَّدُ أيَّامًا من الأسبوعِ لفَارِسْكُور (٢)، للإقراءِ بمدرسةٍ ابتناها البدرُ ابنُ شعبةَ (٣)، واستقربَه الأشرفُ قَايَتْبَاي في تدريس مدرستِه هناك، ثمَّ في مشيخةِ المعينية (٤) بعدَ وفاةِ الشِّهابِ الجُدَيِّدي (٥)، وعلَّقَ في


(١) عبدُ الله بنُ محمَّدِ بنِ أحمد، ستأتي ترجمته.
(٢) محلة كبيرة بمصر على شاطئ النيل من إقليم الدقهلية. انظر: "تاج العروس": ف ر س ك ر.
(٣) محمَّدُ بنُ شعبة، بدرُ الدين، الفارسكوريُّ، شيخ فارسكور، ابتنى فيها مدرسة بقرب بيته وقرر الشهاب البيجوري مدرسها، وفيه ميل للخير. ينظر: "الضوء اللامع" ٧/ ٢٦٦.
(٤) المدرسة المعينية: بدمياط، ولي إمامتها أول ما فتحت محمَّد بن علي أبو العطاء البارنباري الشارمساحي، ثم وليها سنة ٨٧٥ هـ أحمد بن أحمد الشهاب الجديدي، وبقي فيها حتى وفاته سنة ٨٨٨ هـ، ثم وليها المترجم له: أحمد بن محمَّد البيجوري. ينظر: "الضوء اللامع" ١/ ٢١٧، ٢/ ٦٦، ٨/ ١٩٣.
(٥) أحمدُ بنُ أحمدَ بنِ عليٍّ، الشِّهابُ الجُديديُّ، البدرانيُّ الشافعيُّ، نزيل دمياط، ولي فيها مشيخة المعينية، توفي سنة ٨٨٨ هـ. والجُديدي: بضم الجيم ثم دال مهملة مفتوحة بعدها تحتانية مشددة مكسورة ثم مهملة نسبة لقرية من قرى منية بدران لكون أصله منها. ينظر: "الضوء اللامع" ١/ ٢١٧.