للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والملاهي، نفعَنَا اللهُ به، وجمعَنا وإيَّاه في مستقرِّ رحمتِه، فقد انتفعْنا بصلاحِهِ وبخاطرِه، وبخدمتِه، وبولدِه مِن بعدِه، يعني كما تقدَّم.

وقالَ ابنُ صالحٍ: الشَّيخُ الصَّالحُ، الفقيهُ العالمُ، العابدُ المنقطعُ إلى الحرمين، سكنَ المدينةَ سنين في عشرِ الأربعين وسبعِ مئةٍ، وكان معه ابنُه محمَّد مدَّةً بها، ثمَّ سَفَّرَهُ إلى المغرب، وانتفعَ به النَّاسُ هناك، وصارَ خطيبًا، وارتفعَ قدرُه عتدَ السَّلاطينِ بدعاءِ والدِه، وبركتِه، واستمرَّ الأبُ مقيمًا بالمدينةِ على قدَمِ العبادةِ والاجتهادِ في الصومِ والقيامِ والتِّلاوةِ، معَ كثرةِ الصَّمتِ والسُّكونِ، ثمَّ دخلَ إلى مكَّةَ، وأقامَ بها عابدًا، حتَّى لقِيَ اللهَ، ودُفِنَ بمقبرةِ مكَّةَ، رحمَه اللهُ وإيَّانا.

وذكرَه شيخُنا في "الدُّررِ" (١)، باختصارٍ جدًا، فقال: حجَّ بولدِه بعدَ العشرين، وجاورَ بمكَّةَ ثمَّ عادَ (٢) لبلدِهِ، ثمَّ حجَّ فسكنَ المدينةَ، وماتَ بمكَّةَ في سنةِ أربعين، أو أوَّلِ التي تليها، وذُكرَتْ له أحوالى وكرامات. وقال الفاسيُّ في "مكَّةَ" (٣): إنَّه قرأَ على حجرِ قبرِه بالمَعْلاة: وفاتَه في ثاني عشرى ذي القَعدةِ سنةَ أربعين، وممَّن لبسَ منه خرقةَ التَّصوُّفِ: القاضي أبو الفضلِ النُّوَيْريُّ في سنةِ ستٍّ وثلاثين تُجاهَ الكعبةِ، ولبسَها الجمالُ ابنُ ظهيرةَ، من القاضي، ولصاحبِ التَّرجمةِ فيها أسانيدُ، منها ما انفردَ به في عصرِه، وهو صحبتُه للمجاهدِ في سبيلِ الله، بلالِ بنِ عبدِ اللهِ الحبشيِّ (٤)،


(١) "الدرر الكامنة" ١/ ٢٩٩.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: دعا. والمثبت من "الدرر".
(٣) "العقد الثمين" ٣/ ١٧٢ - ١٧٣.
(٤) بلال بن عبد الله الحبشي، خادم أبي مدين، توفي سنة ٥٩٠ هـ. "نفح الطيب" ٥/ ٢٤٣.