للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنَّ ابن أخي هذا ليُحسُّ من نفسِه بنعيم، ويخصُّه دونَ بنيه بالطَّعام، سِيَّما وكان إذا أكلَ معهم شبعوا، وإن لم يأكلْ معهم لم يشبعوا، ولذا كانَ إذا أرادوا الأكلَ أخَّرَهم حتى يجيء، وإذا جاءَ فأكلَ معهم فضَلَ من طعامِهم، فيقول له [عمُّه] (١): إنَّكَ لمبارك، وكانَ الصِّبيان يُصبحون عُمشًا رُمصًا (٢)، ويصبحُ هو دَهينًا كحيلًا (٣) ( … ) (٤) أعظم نشأة وأشرفها، وشبَّ يكلؤه اللّه تعالى، ويحوطه ويحفظُه من أقذار الجاهلية، من كلِّ عيبٍ فلم يُعظِّمْ لها صنمًا قطُّ، ولم يحضرْ مشهدًا من مشاهدِهم مع طلبهم منه لذلك، فيمتنع ويعصمه اللّه منه، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما هممتُ بشيءٍ مما كانَ أهلُ الجاهلية يهمُّون به إلا مرَّتين عصمَني اللّه فيهما، وكلَّما دنوتُ من صنمٍ لهم يصيحُ بي رجلٌ: امضِ وراءَك، فما قَربتُ منه" (٥)، حتى كان أفضلَ رجالِ قومِه مروءةً، وأحسنَهم خُلقًا وجِوارًا، وأكرمَهم حَسَبًا، وأعظمَهم حِلمًا، وأصوبَهم حديثًا، وأبعدَهم من كُلِّ خُلق دَنيٍّ حتى لا يُسمَّى في قومه إلا الأمين (٦)، لما شاهدوه من أمانته وصدقِه، وطهارته وصفاتِه العلِّية التي لم يَشْرَكْه أحدٌ من خلق اللّه فيها.


(١) في الأصل [٤ / أ]: عمّك، وهو خطأ.
(٢) العَشَا: سوءُ البصر باللَّيل والنَّهار، والرَّمَصُ: البياضُ الرَّطبُ الذي تقطعه العين، ويجتمع في زوايا الأجفان. "لسان العرب": رَمَصَ، عشا، و "النهاية" ٢/ ٢٦٣.
(٣) الحديث في رعاية أبي طالب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ضعيف جدًا؛ أخرجه ابن سعد ١/ ١١٩، ١٢٠، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ١/ ٧١. كلاهما من طريق الواقدي، وهو متروك.
(٤) فراغ في الأصل [٤ / أ] بقدر أربع كلمات تقريبًا.
(٥) حسن لغيره. أخرجه البزار، "كشف الأستار" ٣/ ٢٨٣، والنسائي في "الكبرى" ٧/ ٣٢٥، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٢/ ٣٤ - ٣٥ من حديث زيد بن حارثة.
(٦) صحيح. أخرجه أحمد ٣/ ٤٢٥، عن السائب بن أبي السائب.