للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستصحبَه عمُّه وهو ابنُ اثنتي عشرةَ سنةً إلى الشَّام، فلمَّا جاء بُصرَى ورأى منه بَحِيرا الرَّاهبُ ما دلَّ عليه أنَّه النبيُّ المرسَل خاتمُ الأنبياء، أمره بالرُّجوعِ به إلى بلادِه ففعل (١)، وبعد عشرين سنةً من مولدِه أو دونها حضرَ مع عمومتِه حربَ الفِجَار (٢)، ورمى فيه بأسهم (٣)، وحلفَ الفُضُول (٤) الذي عقدتْه قريشٌ على نصر كلِّ مظلومٍ بمكَّة (٥).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يرعى غنمَ أهلِه بأجيادَ على قراريطَ (٦)، ثمَّ مضى للشَّام أيضًا مع ميسرةَ فتى خديجةَ ابنةِ خويلدِ بنِ أسدٍ في تجارة لها، فرأى ممَّا خصَّه اللّه به ما يسترشدُ به


(١) صحيح. أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب: ما جاء في بدء نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣٦٢٠)، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والحاكم ٢/ ٦١٥ وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٢) الفِجَار: بكسر الفاء، سمِّيت الحرب بهذا؛ لأنَّ المتحاربين استحلُّوا المحارم بينهم، أو لأنَّ القتال كان في الشهر الحرام ففجروا فيه جميعًا، وهي حربٌ دارت رحاها بين كنانة وقريش من جهة، وقيس عيلان من جهة أخرى. "سيرة ابن هشام" ١/ ١٦٨، و "الروض الأنف" ١/ ١٢٠ باختصار.
(٣) ذكرها ابن هشام في "السيرة" بلا سند ١/ ١٦٨ - ١٧٠.
(٤) الفُضول جمع فَضْل، وهو حِلفٌ وقع في زمان الجرهميين، لثلاثةٍ منهم يسمَّى كل واحدٍ منهم الفضل، اجتمعوا لنصرة المظلوم، ولما تداعت قريش إلى حلفٍ للعلة نفسها، سُمِّي الحلف على الحلف القديم، وقد شهد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحِلْفَ، وكان حَفِيًا به.
(٥) حديث مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حلف الفضول صحيح. أخرجه أحمد ٣/ ١٩٣، والبخاري في "الأدب المفرد" ص: ١٩٤ كلاهما من حديث عبد الرحمن بن عوف أنَّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "شهدتُ مع عمومتي حلف المطيَّبين، فما أحث أن أنكثَه وأنَّ لي حمر النَّعَم".
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط (٢٢٦٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، بدون لفظة: أجياد، وذكرها البخاري في "الأدب المفرد" ص: ١٩٧ (٥٧٧)، والقراريط: جزء من الدِّينار أو الدِّرهم، أو هو موضعٌ بمكة قرب أجياد. انظر "فتح الباري" ٤/ ٤٤١، وأجيادُ: حيٌّ من أحياء مكة، يقع جنوب شرق المسجد الحرام.