للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المُتنبِّه، فلمَّا عاد حدَّثها به، وكانت امرأةً حازمةً لبيبةً شريفة، فرغبت في تزويجه بها، فتزوَّجها وهو ابنُ خمسٍ وعشرين سنة، وهي ابنةُ أربعين (١)، فكانت له وزيرَ صِدْقٍ، وعبيرةَ مِسْكٍ.

ثمَّ بعد مضيِّ عشرِ سنين أخذت قريشٌ في بناءِ الكعبةِ لأمرٍ اقتضاه، فاختلفت قبائلُها فيمَن يضعُ الحجرَ الأسود، فاختاروه، فأشار ببسطِ رداء على الأرض، ووضعِه عليه، وترفعُ كلُّ قبيلةٍ طرفًا منه، ففعلوا ذلك، فلمَّا انتهوا به إلى محلِّه أخذَه الأمينُ المكينُ بيده الميمونة، فوضعَه، وذلك يوم الاثنين (٢).

ولمَّا انتهى - صلى الله عليه وسلم - لأربعين سنة (٣) جاءه جبريل عليه السلام في يومِ الاثنين ثامنِ شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ وهو بغارِ حِراء؛ إذ كان يخلو به فيتعبَّد فيه، فأقرأه أوَّلَ سورةِ العلق، فرجعَ بها - صلى الله عليه وسلم - يرجُف فؤادُه.


(١) وهذا مذهبُ الجمهور، ويرى ابنُ إسحاق أنها كانت في سن الثامنة والعشرين، ونصر رأيه د. أكرم العمري فقال: وقد أنجبت خديجة من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ذكرين وأربع إناث، مما يُرجِّح رواية ابن إسحاق؛ فالغالب أنّ المرأة تبلغ سنَّ اليأس من الإنجاب قبل الخمسين. وانظر "السيرة النبوية الصحيحة" ١/ ١١٣.
(٢) قصة بناء الكعبة، أخرجها البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب بنيه الكعبة (٣٨٢٩)، ومسلم في كتاب الحيض، باب الاعتناء بحفظ العورة ١/ ٢٦٨) ٧٧) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
وقصة تحكيمه - صلى الله عليه وسلم -؛ الحديث فيها حسنٌ لغيره. أخرجه أحمد ٣/ ٤٢٥، وقال الهيثميُّ: رجاله رجال الصحيح غيرَ هلال بن خبَّاب، وهو ثقةٌ وفيه كلامٌ.
(٣) "سيرة ابن إسحاق" ص: ١٠٩، و "سيرة ابن هشام" ١/ ٢١٦، وفي هذا يقول يحيى الصَّرصريُّ:
وأتتْ عليه أربعون فأشرقتْ … شمسُ النُّبوةِ منه في رَمضانِ.
"زاد المعاد" ١/ ٧٧، ٧٨.