للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ودخل على خديجةَ فزمَّلُوه حتى ذهب عنه الرَّوع، ثمَّ أعلمها بالخبر، وقال لها: "لقد خشيتُ على نفسي"، فقالت له: أبشرْ، كلّاَ، واللّه ما يُخزيك اللّهُ أبدًا؟ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتحملُ الكَلَّ (١)، وتَكسِبُ المعدوم، وتَقْرِي الضَّيَف، وتُعِينُ على نوائبِ الحقِّ، ثمَّ ذهبت به إلى ابن عمِّها ورقَةَ بنِ نوفلِ بنِ أسدٍ، فأعلمه بما أعلمها به، فقال له: هذا هو النَّاموسُ (٢) الذي أنزله اللّه تعالى على موسى عليه السَّلام، وآمن هو وخديجة به. وقال: إنْ يُدْرِكْني يومُكَ أنصرْكَ نصرًا مؤزَّرًا. ثم لم يَنشَب (٣) ورقةُ أن تُوفي (٤).

وفتَر الوحي (٥)، فلمَّا كان بعد أشهرٍ أنزل اللّه عزَّ وجلَّ عليه {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} (٦) وحَمِيَ الوحيُ وتتابع (٧).

وبعد أَنْ أقرأه جبريلُ عليه السلام العَلَقَ، ضربَ برجلِهِ الأرض، فنبعت عينُ ماءٍ فتوضَّأ منها، ثمَّ أمرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فتوضَّأ كذلك، ثمَّ قام وصلَّى بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ انصرف،


(١) الكَلَّ: اليتيم، والعِيال. "القاموس": كلل.
(٢) النَّاموس: صاحب السرِّ، وهو جبريل هنا. "القاموس": نمَس.
(٣) لم ينشب، أي: لم يلبث. "النهاية" ٥/ ٥٢.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي (٣)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -١/ ١٣٩ - ١٤٠ (٢٥٢) عن عائشة رضي اللّه عنها مطولًا.
(٥) قصة فترة الوحي، أخرجها البخاري في كتاب التعبير باب: أول ما بدئ به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - (٦٩٨٢) عن عائشة رضي اللّه عنها.
(٦) سورة المدثر: ١ - ٤.
(٧) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (٤٩٢٥)، ومسلم في كتاب الإيمان باب، بدء الوحي إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ١/ ١٤٣ (٢٥٥) كلاهما من حديث جابر.