للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهاجرَ -صلى الله عليه وسلم- بأمر الله عزَّ وجلَّ إليها (١)، ونزل بقُباء، وأسَّسَ المسجدَ، ثمَّ ركبَ إلى المدينةِ، ونزلَ بدارِ أبي أيُّوبَ كما قدَّمتُ هذا كلَّه في الفصل قبله.

ثمَّ بنى المسجدَ النَّبويَّ باللَّبِن، وارتفاعُه سبعةُ أذرعٍ، أو خمسةٌ، وأقيمَ فيه سواري من جذوع النَّخل، وسُقِفَ من جريده للاستظلال (٢)، وكانت الأمطارُ تنزل عليهم، فسئل أن يُطيَّن، فقالَ (٣): "بل عَريش كعريشِ موسى، والأمرُ أقربُ من ذلك". وكان إذا رفع يدَه بلغَ سقفَه، فلم يزلْ على ذلك حتى تُوفي (٤).

وكان مُربَّعًا (٥) طولُه سبعون ذراعًا في عرض ستين أو يزيد.

ثمَّ زاد عليه لمَّا ضاقَ على أهله، فبلغ أقلَّ من مئةٍ في مئةٍ (٦)، وبينَ انتهائِه وبابِ السَّلامِ الآن خمسُ بوايك (٧)، حسبما عُلِّمَ على أعلى الأسطوانةِ الخامسةِ من المنبرِ من صفِّ الأساطينِ التي في قِبلةِ المنبر-بطرازٍ متَّصلٍ بالسَّقفِ منقوشٍ، فيه التَّصريحُ بأنها نهايةُ المسجدِ النَّبويِّ.

وبنى بيتين لعائشةَ وسودةَ باللَّبِن والجَريد أيضًا، ثمَّ لسائرِ أزواجِه (٨).


(١) انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ٨٩، و "طبقات ابن سعد "١/ ٢٢٧.
(٢) عن عبد الله بن عمر قال: كان المسجدُ على عهدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مبنيًا باللَّبِن، وسقفُه الجريدُ، وعُمده خشبُ النَّخل. أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب: بنيان المسجد (٤٤٦).
(٣) حسن. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٢٣٩ من حديث الزهري مرسلًا بسند ضعيف، والدارمي في "سننه" ١/ ٣١ (٣٨)، وله طرق يتقوى بها. انظر "البداية والنهاية" ٣/ ٢١٥.
(٤) في الهامش: قف على طول المسجد النبوي وعرضه.
(٥) في اصطلاحنا اليوم يسمى مستطيلا.
(٦) انظر: "تاريخ المدينة" لابن النجار ص: ١٦٧.
(٧) البوائك: عُقد البناء، أو قوس القنطرة، وهي لفظ عامية مولَّدة. "تاج العروس": بوك.
(٨) انظر: "طبقات ابن سعد" ١/ ٢٤٠، ٤٩٩، و "تاريخ المدينة" لابن النجار ١٧٥.