للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البقعة التي ضمَّته، حتى على الكعبةِ المفضَّلة على أصل المدينة (١)، بل على العرش، فيما صرَّح، به ابنُ عقيلٍ من الحنابلة (٢).

ولا شكَّ أنَّ مواضعَ الأنبياءِ وأرواحَهم أشرفُ ممَّا سواها من الأرض والسَّماء، والقبرُ الشَّريفُ أفضلُها، لما تتنزَّلُ عليه من الرَّحمةِ والرِّضوان والملائكة، التي لا يعلمُها إلا مانحُها، ولساكنِه عند الله من المحبَّة والاصطفاء ما تقصر العقولُ عن إدراكه، ويعمُّ الفيضُ من ذلك على الأمَّة، سِيَّما مَن قَصدَه وأَمَّه (٣)، مع العلمِ بدفنِ كلِّ أحدٍ في الموضع الذي خُلق فيه، كما ثبت في "مستدرك الحاكم" (٤) ممَّا له شواهدُ صحيحة: و"لا يقبضُ اللهُ سبحانه رُوحَ نبيِّه إلا في مكانٍ طيِّبٍ، أحبَّ إلي الله ورسوله" (٥).


(١) نقل الإجماع كلٌّ من أبي الوليد الباجي، والقاضي عياض، وأبي اليُمن ابن عساكر، وأبي محمد البسكري. انظر "شرح الشفا" ٢/ ١٦٤، و "سبل الهدى والرشاد" ٣/ ٤٥١.
(٢) هذا رأي لا دليل عليه، وقد نقله عن ابنِ عقيلٍ تاجُ الدِّين السبكيُّ. انظر: "سبل الهدى والرشاد" ٣/ ٤٥١، و "وفاء الوفا" ١/ ٢٨.
(٣) هذا اعتقاد ليس بصحيح، وإن الله هو الذي يفيض من رحمته على عباده، وأما السفر وشد الرحال للقبر فمحذور شرعًا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُشدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثَلاثةِ مساجدَ: المسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم-، ومسجدِ الأقصَى". رواه البخاري ومسلم.
(٤) "المستدرك" ١/ ٣٦٦، وصحَّحه، ووافقه الذَّهبيُّ عن أبي سعيدٍ قال: مرَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عند قبرٍ، فقال: "قبرُ مَن هذا"؟ فقالوا: فلانٌ الحبشيُّ، فقال: "لا إله إلا الله، مرَّتين، سيقَ من أرضه وسمائه إلى تربته التى منها خُلق".
(٥) أخرجه الترمذيُّ في كتاب الجنائز، باب ٣٣ (١٠١٨)، وأبو يعلى في "مسنده" ١/ ٤٦، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترمذي" ١/ ٢٩٨.