للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سافر بحرًا للتَّداوي، فمات قبل وصولِه لمصر، سنةَ ستٍّ وعشرين وسبعِ مئة، فاستقرَّ في القضاءِ بعدَه مَن كان نائبَه في الوظائف، وهو العَلَمُ يعقوبُ بنُ جمالٍ القُرشيُّ، الهاشميُّ، المصريُّ (١)، فكان يشدِّدُ في الأحكام، سيَّما على الخُدَّام، فإنَّه منعهم من الشَّمعِ والدَّراهم، وغيرِ ذلك ممَّا يجمعونه في صندوقِ النُّذورِ أيامَ الموسم، قائلًا لهم: إنَّ هذا يجري في مصالح الحرَم، فلا يجوزُ لكم قسمتُه بينكم، وما هو محقٌّ فيه، فتضيَّقوا من ذلك وعزَّ عليهم، فغلبَهم عليه ولم يصرفْ لهم منه شيئًا.

وأمَّا الخطابةُ والإمامةُ؛ فاستقرَّ فيهما -بعد السِّراجِ- البهاءُ ابنُ سلامةَ المصريُّ (٢). فأقام فيهما سنتين، ثمَّ استعفى، لكونه لم يرَ نفسَه أهلًا لما شرطَه الواقفُ من معرفةِ الفرائضِ والقراءات.

فاستقرَّ بعدَه فيهما الشَّرفُ أبو الفتحِ محمَّدُ بنُ محمَّد بنِ أحمدَ بنِ إبراهيمَ العثمانيُّ، اللَّخميُّ، الأُميوطيُّ (٣).


(١) يعقوبُ بنُ جمالٍ، القاضي علمُ الدِّينِ القُرشيُّ، المصريُّ، كان فقيهاً فاضلًا، ذا رئاسة، وحاكمًا عادلًا، وافر السِّياسة. ت ٧٤٥ هـ.
"نصيحة المشاور" ص: ٢٥٩، و "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٩، و "الدرر الكامنة" ٥/ ٢١٥، لكن جعل اسم أبيه عبد الله.
(٢) بهاءُ الذَين ابنُ سلامةَ المِصريُّ، كان فاضلًا أديبًا، وكاتبًا أريبًا، استمر عامين في الإمامة والخطابة ثم استقال. "نصيحة المشاور" ص: ٢٦٠، و "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٩.
(٣) محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ أحمدَ، شرفُ الدِّين، الشَّهير بابنِ الأُميوطي، كان فقيهًا يضرب بحفظه الأمثال، وتشدُّ إليه الرِّحال، له خُطَبٌ مدوَّنة تسمَّى الجواهر السنية، ت ٧٤٥ هـ.
"نصيحة المشاور" ص: ٢٦١، و "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٧٧، و "الدرر الكامنة" ٤/ ٢٧٦.