للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزوجتك فأنت كظهر أمي لم يكن ظهارًا حتى أنه لو تزوجها لم يجب عليه شيء، فيشترط لصحة الظهار أن تكون المرأة زوجة للرجل لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} (١)، والأجنبية ليست من نسائه، ولأن الظهار يمين ورد الشرع بحكمها مقيدًا بنسائه فلم يثبت حكمها في الأجنبية كالإيلاء، ولأنها ليست بزوجة فلم يصح الظهار منها كأمته، ولأن الأجنبية محرمة فلم يلزمه شيء كما لو قال أنت حرام، ولأنه نوع تحريم فلم يتقدم النكاح كالطلاق.

القول الثاني: أن الزوجية ليست شرطًا لانعقاد الظهار وصحته بل يصح من الأجنبية حتى إذا تزوجها لم يقربها إلا بعد الكفارة وهو مذهب المالكية والصحيح من مذهب الحنابلة (٢)، وسواء كان الظهار من أجنبية بعينها أو قال كل النساء علي كظهر أمي، وسواء أوقعه مطلقًا أو علقه على التزويج فقال كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي. ومتى تزوج التي ظاهر منها لم يطأها حتى يكفر لما روى الإِمام أحمد بإسناده عن عمر بن الخطاب أنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي فتزوجها قال: "عليه كفارة الظهار" (٣)، ولأنها يمين مكفرة فصح انعقادها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى.

وقد جاءت عدد من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية موافقة للقول الأول منها الفتوى رقم (١٤٧٦) في حق من خطب امرأة


(١) سورة المجادلة: ٢.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٦٠)، الشرح الكبير للدردير (٢/ ٤٤٤ - ٤٤٥)، المغني (٨/ ٥٧٧)، الإنصاف (٩/ ٢٠٢)، كشاف القناع (٥/ ٣٧٢)، مطالب أولى النهي (٥/ ٥١٢).
(٣) أورده ابن قدامة في المغني (٨/ ٥٧٨)، ورواه سعيد بن منصور في سننه [١/ ٢٩٠ (١٠٢٣)]، وابن حزم في المحلى (١٠/ ٥٦، ٢٠٦) كلاهما من طريق الإِمام مالك عن سعيد بن عمرو بن سليم عن القاسم بن محمَّد أن رجلًا قال: "إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، فتزوجها فسأل عمر بن الخطاب فقال: لا تقربها حتى تكفر كفارة الظهار".

<<  <  ج: ص:  >  >>