للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات الزنا بالوسائل الحديثة]

يعد الزنا جريمة كبيرة لما يترتب عليه من آثار عظيمة على المتهم وأسرته وعلى الأمة؛ ولذلك فإن إثباته إنما يكون بطرق لا يتطرق إليها الشك، وهي إما أربعة شهود أو إقرار المتهم وما عدا ذلك فلا يعد طريقًا للإثبات.

ولا يثبت الزنا بغير ذلك من الوسائل الحديثة، كالفحص الطبي أو التصوير بآلات التصوير والتسجيل، ولا يثبت بالفحص الكيميائي ولا غيره؛ لأن تلك الوسائل أمور محتملة، والإِسلام قد جعل مبدأ درء الحدود بالشبهات كما جاء في الحديث: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" (١).

جاء في الفتوى رقم (٣٣٣٩) من فتاوى اللجنة الدائمة في السعودية: أنه لا يصح إثبات جريمة الزنا بالتقرير للفاحص الكيميائي وتقرير إخصائي في بصمات الأصابع والشهادة الظرفية (٢).

وجاء في الفتوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية برقم ٥٤ لسنة ٢٠٠٩ م عدم الاعتماد على إثبات الزنا بالوسائل الحديثة؛ لأنها لا ترقى إلى مستوى الدليل اليقيني، وإنما يتطرق الشك إليها؛ لأنه قد يعتريها الخطأ، وإثبات الزنا إنما يكون بأحد أمرين: اعتراف المتهم أو أن يشهد أربعة شهود أنهم رأوا ذلك الفعل يحصل واستشهدت الفتوى بقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤]. أ. هـ.


(١) أخرجه الترمذيُّ في باب ما جاء في درء الحدود بلفظ: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله ... " ورقمه (١٤٢٤)، ورواه الحاكم وأبو يعلى عن عائشة مرفوعًا بلفظ: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" كشف الخفا ومزيل الإلباس (١/ ٧٣) ورقمه (١٦٦)، وأخرجه البيهقيُّ (٨/ ٢٣٨).
(٢) الشهادة الظرفية: هي الشهادة بتواجد الشخصين في مكان معين مع بعضهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>