للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتْوَى غَيْرِهِ من العُلَمَاءِ فَكَذَا في القَاضِي لَكِنْ مع هذا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الجاهِلُ بِالأَحْكَامِ، لِأَنَّ الجاهِلَ بِنَفْسِهِ ما يُفْسِدُ أَكْثر مِمَّا يُصْلِحُ بَل يَقْضِي بِالبَاطِلِ من حَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ. . . إلَّا أنَّهُ لو قُلِّدَ جَازَ عِنْدَنَا، لِأنَّهُ يَقْدِرُ على القَضَاءِ بِالحقِّ بعِلمِ غَيْرِهِ بِالِاسْتِفْتَاءِ من الفُقَهَاءِ فَكَانَ تَقْلِيدُهُ جَائِزًا. . . حتى يَنْفُذَ قَضَايَاهُ التي لم يجاوِزْ فيها حَدَّ الشَّرْعِ" (١).

[الأدلة]

١ - ما رواه أبو داود بسنده عن عليٍّ -رضي الله عنه- قال بَعَثَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليَمَنِ قَاضِيًا، فقلت: يا رَسُولَ الله، تُرْسِلُنِي وأنا حَدِيثُ السِّنِّ، ولاَ علم لي بِالقَضَاءِ، فقال: "إِنَّ الله سَيَهْدِي قَلبَكَ، وَيُثبتُ لِسَانَكَ، فإذا جَلَسَ بين يَدَيْكَ الخَصْمَانِ، فلا تَقْضِيَنَّ حتى تَسمَعَ من الآخَرِ كما سَمِعْتَ من الأوَّلِ، فإنه أَحْرَى أَنْ يَتبيَنَ لك القَضَاءُ" قال: فما زِلتُ قَاضِيًا، أو ما شَكَكْتُ في قَضَاءٍ بَعْدُ (٢).

وجه الاستدلال:

أن الإِمام عليًا -رضي الله عنه- كان غير متأهل من الناحية العلمية وكان ينقصه الاجتهاد وقد ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - القضاء، وذلك يدل على عدم وجوب توفر شرط الاجتهاد.

٢ - إن تقليد المقلد أو حتى الجاهل يحصل به الغرض من القضاء، وهو فصل الخصومات وقطع المنازعات وإيصال الحق إلى مستحقه، إذ يمكن أن يقضي بعلم غيره بالرجوع إلى قوله ورأيه وفتواه (٣).


(١) بدائع الصنائع (٧/ ٣).
(٢) تقدم (ص: ٦).
(٣) بدائع الصنائع (٧/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>