للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٢ - العقل]

اتفق الفقهاء (١) على اعتبار هذا الشرط فلا يجوز تقليد المجنون، أو المعتوه، أو غير ممحص النظر؛ لكبر أو مرض قياسًا على الصبي؛ لأن القضاء من أعظم وأخطر الولايات فكان لا بد من توفر شرط العقل، وإذا قلد غير العاقل لا يصح قضاؤه ولا ينفذ؛ لأن القضاء يحتاج إلى العاقل الناضج المدرك وهو منعدم مع الجنون (٢).

قال الماوردي: "ولا يكتفى بالعقل الذي يتعلق به التكليف من علمه بالمدركات الضرورية حتى يكون صحيح التمييز جيد الفطنة بعيدًا عن الهوى والغفلة، يتوصل بذكائه إلى إيضاح ما أشكل وفصل ما أعضل" (٣). فلا بد أن يكون القاضي على قدر من الذكاء والفطنه المؤدية إلى استطاعته التمييز السليم لأنه سيتعامل مع معظم فئات المجتمع باختلاف أفهامهم ومداركهم وأساليبهم وطبائعهم فما لم يكن على درجة من الذكاء فقد يخدع.

ولا يقلد الساذج الذي يخدع في تصرفاته وهو المعروف بالمغفل في اصطلاح الحنفية (٤)؛ لأن تقليده يترتب عليه الإخلال بالمصلحة المقصودة من القضاء فلا يجوز تقليده؛ لأنه تنطلي عليه حيل الشهود، وأكثر الخصوم وفي التاريخ أمثلة كثيرة تثبت أن العقل والفطنه كانا سببًا في انتزاع الحقوق من الظالمين (٥).


(١) بدائع الصنائع (٧/ ٣)، بداية المجتهد (٢/ ٣٤٤)، مغني المحتاج (٤/ ٣٧٥)، المغني (١٤/ ١٤).
(٢) نظام القضاء في الشريعة الإِسلامية للدكتور عبد الكريم زيدان (ص: ٢٣).
(٣) الأحكام السلطانية (ص: ٨٣).
(٤) البحر الرائق (٧/ ٧٨).
(٥) مذكرة في علم القضاء للدكتور عبد العال عطوة (ص: ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>