للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن تأكد المهر يتوقف على استيفاء المستحق بالعقد وهو منافع البضع واستيفاؤها بالوطء ولم يوجد فكان لها النصف بالنص.

[القول الثاني]

أنه يستقر كاملا بالخلوة وهو مذهب الحنفية، والصحيح من مذهب الحنابلة إلا أن الحنفية يشترطون لذلك أن لا يكون هناك مانع شرعي كأن يكون مُحْرِمًا، أو مريضًا، أو صائمًا في رمضان، أو كانت المرأة حائضًا ونحو ذلك، بينما لا يشترط الحنابلة شيئًا من ذلك حيث يستقر المهر عندهم بالخلوة مطلقا (١).

واستدلوا بقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (٢)، قالوا: إن الله تعالى نهى الزوج عن أخذ شيء من مهر المرأة عند الطلاق وعلل ذلك بوجود الإفضاء وهو الخلوة دخل بها أو لم يدخل.

ولحديث محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل" (٣) قالوا: إن هذا نص في الباب فوجب المصير إليه.

وأن الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم أجمعوا على ذلك فيما يروى عنهم، فقد نقل ذلك زرارة ابن أوفى حيث قال: "قضى الخلفاء الراشدون المهديون


(١) بدائع الصنائع (٢/ ٢٩١)، المغني (٨/ ٦١)، الإنصاف (٨/ ٢٨٣).
(٢) سورة النساء: ٢٠ - ٢١.
(٣) رواه الدارقطني (٣/ ٣٠٧)، والبيهقيُّ (٧/ ٢٥٦). قال الحافظ في التلخيص (٣/ ١٩٣): "وفي إسناده ابن لهيعة مع إرساله، لكن أخرجه أبو داود في المراسيل من طريق ابن ثوبان ورجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>