للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببينة لأن الأصل عدم العيال، ولا تتعذر إقامة البينة على ذلك، وكذا من كان معروفًا باليسار لا يعطى من الزكاة، لكن إن ادعى أن ماله تلف أو فقد كلف البينة على ذلك.

واختلف قول الحنابلة في عدد البينة، فقيل لا بد من ثلاثة، واحتج لذلك بحديث قبيصة، وفيه: " ... وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلانًا فَاقَة فَحَلَّتْ له المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ" أَوْ قَالَ: "سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ... " (١).

وفي رواية أخرى في المذهب: أنه يقبل قول اثنين فقط كسائر الحقوق، وقالوا بأن الحديث إنما جاء في المسألة لا في الإعطاء دون المسألة.

ثالثًا: العاملون عليها:

وهم السعاة لجباية الصدقة، والمراد بهم هنا من ترسلهم الحكومة لجمع الزكاة من أهلها، وصرفها لمستحقيها فهم ولاة وليسوا أجراء، وإنما قلنا ذلك لأجل أن يفهم أن من أعطى زكاة ليوزعها فليس من العاملين عليها، بل هو وكيل عليها أو بأجرة، ولهذا فإن الزكاة إذا تلفت عند العاملين عليها فإن ذمة المزكي بريئة منها، وأما إذا تلفت عند الموكل في التوزيع فلا تبرأ ذمة المزكي.

ويشترط في العاملين عليها العدالة والمعرفة بفقه الزكاة، ويدخل الحاشر -الذي يجمع أرباب الأموال- والكاتب، وقاسم الزكاة، وحافظ المال، والعريف -الذي يعرف أرباب الاستحقاق-, وعداد المواشي، والكيال، والوزان، والراعي، وكل من يحتاج إليه في الزكاة لدخولهم في مسمى -العامل-، كل هؤلاء يدخلون بين مستحقيها غير قاضٍ ووالٍ لاستغنائهما بمالهما من بيت المال.


(١) رواه مسلم: كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة (١٧٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>