للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هل يلزمه دم مع انتفاء الإثم عنه؟

نقول: اختلف في ذلك أهل العلم، والراجح أن من ترك المبيت لعجزه عن الوصول إلى مزدلفة حتى فات وقتها، كأن يكون في حافلة مثلًا وفي الطريق يتوقف السير ما يستطيع أن يذهب، وإذا جلس انتهى وقت الوقوف بمزدلفة قبل أن يصل إليها- فهذا عاجز عن الوقوف بها وترك الوقوف بها لهذا العذر الذي أصابه، الراجح أنه لا يلزمه شيء؛ لأنه ما ترك المبيت إلَّا عجزًا.

[العجز عن المبيت بمنى ليالي التشريق]

ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن المبيت سنة وليس بواجب، والراجح أنه واجب من واجبات الحج، لو تُرك كان فيه هَدْيٌ، ومهما يكن من أمر فإن جميع الواجبات الشرعية مَنوطة بالاستطاعة كما قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (١)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ... إِذَا أَمَرْتكُمْ بِأَمْرٍ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (٢). فإذا ضاقت منى عن الحجاج أو لم يجدوا مكانًا يصلح للنزول فيها غير الطرقات أو الأرصفة أو المرافق، فإنه يسقط عنهم وجوب المبيت، ولهم أن ينزلوا حيث تيسر لهم ولا شيء عليهم.

الرمي قبل الزوال أيام التشريق:

هذه النازلة من نظر إليها باعتبار الزمن يرى أنها ليست نازلة؛ وذلك لاختلاف أهل العلم فيها من قديم الزمان، أما الآن ونحن نشاهد ما يحصل بسبب الرمي من هلاك للأنفس الناتج عن شدة الزحام، فهي نازلة بهذا الاعتبار؛ حيث لم


(١) سورة التغابن: ١٦.
(٢) رواه البخاري (٧٢٨٨)، مسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>