فإذا أضفنا هذه الأخبار المعاصرة لما ورد في كتب الفقه والتاريخ من وجود نساء حملن لمدد طويلة، أفادت هذه الأخبار وجود هذا النوع من الحمل وإن كان شاذًّا ونادرًا.
والخلاصة: أن الذي يمكن أن يقال في هذه المسألة: إنه إذا ثبت طبيًّا ثبوتًا أكيدًا لا شبهة فيه أن الحمل لا يمكن أن يبقى كل هذه السنوات الطويلة، فلا مفر من القول بذلك؛ لأن الشرع لا يمكن أن يأتي بما يخالف الواقع أو الحس، فهما يشهدان على أن أقصى الحمل هي المدة المعهودة تسعة أشهر، والتي قد تزيد بضعة أسابيع، وهو الذي يبنى عليه الأحكام الشرعية.
فإذا ادعت المرأة وجود حمل تجاوز المدة المعهودة يلزم أن تثبت ذلك بالبينة الموجبة لتصديق قولها، كأن تشهد النساء بوجود هذا الحمل وظهور علاماته الواضحة -التي لا تلتبس مع الحمل الكاذب- كحركة الجنين، أو تثبت ذلك عن طريق تحليل البول أو الدم أو الموجات الصوتية (السونار) أو غير ذلك مما يقطع بوجود الحمل من عدمه؛ لأن الأصل عدم امتداد الحمل عن المدة المعهودة، ولقطع باب الادعاء، ولكون هذا الحمل ينبني عليه أحكام كثيرة، ويمكن للقضاة في هذا الزمان الاعتماد على الأجهزة الطبية الحديثة التي تحدد عمر الجنين بدقة، إضافة إلى البصمة الوراثية والتي تحدد الأبوين بنسبة ٩٩ %.
[إثبات براءة الرحم من خلال تحليل الدم أو البول]
قبل الشروع في حكم النازلة نوضح أن العدة التي أمر الله النساء بها أنواع منها:
١ - عدة المرأة التي تحيض وهي ثلاثة قروء، كما قال الله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ...}[البقرة: ٢٢٨].
٢ - عدة الصغيرة أو اليائسة وهي ثلاثة أشهر، لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ