للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المعقول: فإن الشريعة الإِسلامية الغراء قد تكفلت بحفظ الضروريات والحاجيات والتحسينات (١)، فكل ما أدى إلى حفظ واحد منها فهو من مقاصد الشريعة، ولما كان الناس محتاجين إلى التعامل بالضمان والكفالة أقر الإِسلام مشروعيتها؛ لأن في منعها حرجًا ومشقةً والإِسلام دين اليسر، وعن طريق الضمان يطمئن صاحب المال على ماله؛ لالتزام الكفيل بأدائه، وهو -غالبًا- مستطيع لذلك فينصرف المدين إلى العمل وسداد الدين، وعن طريق ذلك تنتشر المحبة بين أفراد المجتمع؛ إذ يشعر المحتاج بتعاون الآخرين معه، ويستطيع الحصول على ما لا يستطيع الحصول عليه بدون الضمان، بل إن الكفالة من الأعمال المستحبة حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما كفل علىٌّ عن الميت: "جزاك اللهُ عن الإِسلامِ خيرًا وفكَّ رهانَك كما فككْتَ رِهَانَ أخيك، ما من مسلمٍ فَكَّ رِهَانَ أخيه إلا فك اللهُ رِهَانَه يومَ القيامةِ" (٢) وهذا الحديث يدل على أنها مندوبة؛ لأنها إحسان ومعروف.

[خصائص عقد الضمان (الكفالة)]

للضمان الشخصي خصائص عدة أهمها:

١ - يعقد عقد الكفالة بمجرد التراضي بين الكفيل والدائن ولا يحتاج في انعقاده إلى شكل خاص من كتابة ونحوها.


(١) الضروريات: هي التي تتوقف عليها حياة الناس الدينية والدنيوية بحيث إذا فقدت اختلت الحياة في الدنيا وحل العقاب في الآخرة، وهي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل.
والحاجيات: هي ما يحتاج إليها لرفع الحرج عنهم فقط بحيث إذا فقدت وقع الناس في الضيق والحرج دون أن تختل الحياة، وقد شرع لها الشارع أصناف المعاملات من بيع وشراء ونحوها.
أما التحسينات: فهي المصالح التي يتعبد بها للأخذ بمحاسن العبادات ومكارم الأخلاق.
الوسيط في أصول الفقه الإِسلامي، د. وهبه الزحيلي (ص: ٥٠٠).
(٢) رواه البيهقي. تلخيص الحبير (٣/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>