المشاعر المقدسة لها طاقة استيعابية محدودة والجميع يشاهد الآن ما آلَتْ إليه هذه المشاعر من الزحام الشديد الذي قد تعجز الطاقات البشرية عن تنظيمه أو الإنفاق عليه، وقد وفَّق الله بلاد الحرمين وولاة أمرها للإنفاق على هذه المشاعر بسخاء، فجنى الحجاج والعمَّار ثمرات هذه الجهود تيسيرًا وتسهيلًا في أداء هذه المناسك، وهذه مِنًى قد استغلت بالكامل، ومزدلفة في ليلة جمع تمتلئ بالكامل، وعرفات ليست منها ببعيد، والمسجد الحرام في يوم الثاني عشر والثالث عشر لا يحتمل المزيد، ومن أجل ذلك نظر الفقهاء والعلماء وولاة الأمر في تحديد نِسَبِ الحجيج في كل بلد إسلامي، فوضعت السلطات في المملكة العربية السعودية نظامًا لتنظيم الحج بالنسبة للمواطنين والمقيمين بالمملكة، يقضي بأن الفرد يجب أن يحصل على تصريح بالحج من الجهات المختصة، وهذا التصريح لا يتم منحه إلَّا كل خمس سنوات، أي أنه وفقًا للنظام فإن الشخص لا يستطيع أن يحج إلَّا كل خمس سنوات أو أكثر.
الراجح: أن تصريح الحج شرط في وجوب الحج، ومن عجز عن إخراجه فهو داخل في عموم قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(١)، ومن حج بدون تصريح أو تحايل على إخراجه ممّن ليس له الأحقية بالحج بكذب أو خداع أو برشوة أو بطرق ملتوية، فإنه يأثم بذلك؛ لمخالفته التنظيم الذي وضع لمصلحة الأمة، لكن حجه صحيح، ومن مات قبل أن يحصل