[النازلة الأولى: مدى مشروعية الإذن في إجراء العمليات الطبية]
إذا أراد الطبيب علاج المريض، فهل يشترط إذن هذا المريض؟
نقول: إن الشريعة الإِسلامية تهتم بإرادة الإنسان ورضاه في كل ما يخصه إلَّا ما استثنى من ذلك بدليل خاص، ولذلك يعتبر الطبيب ملزمًا بأخذ الإذن من المريض لأجل العلاج، أو الجراحة، أو الاختبار إذا كان عاقلًا، وبإذن وليّ أمره إذا كان قاصرًا، أو مغمى عليه، سواء كان الإذن مطلقًا أو مقيدًا وأن يكون الإذن معبرًا عنه بإحدى وسائل التعبير من النطق، أو الكتابة، أو الإشارة الواضحة، وإلاّ فيكون الطبيب آثمًا؛ لأنه تصرف فيما يخص غيره دون رضاه، إذ ليس له الحق في التصرف ببدنه إلَّا بإذنه، فيكون ضامنًا لو نتج عنه أي ضرر مهما بذل من جهد، ومهما كانت نيته طيبة، ومهما كان حاذقًا متخصصًا.
ولا يستثنى من ذلك إلَّا بعض حالات تقتضيها الضرورات منها:
١ - إذا كان المرض من الأمراض المتعدية التي يتعدى ضررها إلى الآخرين كالأمراض المعدية السارية، والأمراض الجنسية المعدية فإنه لا يعتبر إذن المريض بل يداوى وإن لم يأذن إذا كان مكلفًا، أو يأذن وليّه إذا كان غير مكلف؛ لأن آثار مرضه تتجاوز إلى المجتمع، فحينئذٍ يحل الإذن الحكومي المتمثل في قرارات الجهة المتخصصة (كوزارة الصحة) محل إذنه، حيث تحدد الجهة المختصة بترتيب مستشفيات أو أقسام خاصة بتلك الأمراض، وتوجب التبليغ عنها، ومداواتها ومتابعتها.
٢ - الحالات النفسية أو العصبية الخطيرة التي قد يضر صاحبها بنفسه أو بغيره.
٣ - إذا تعذر استئذان المريض أو تعذر استئذان وليّه، وفي تأخير المداواة ضرر على المريض، فلا يشترط الإذن في هذه الحالة، كحالات الطوارئ، والحوادث التي