للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا لا بد من التنبيه على أنه لا يجوز للمخدر أن يختار طريقة أشد ضررًا من غيرها متى أمكن التخدير بالطريقة التي هي أقل منها ضررًا، كما لا يجوز له أن يعدل إلى التخدير عن طريق العورة "فتحة الشرج" متى أمكن التخدير عن طريق الوريد ونحوه؛ لأن العورة لا يستباح كشفها إلا عند الحاجة وانعدام البديل.

ثالثًا: بعض الأحكام المترتبة على التخدير:

خلاصة هذه الأحكام فيما يلي:

الأول: أن الأصل في التخدير المنع إلا إذا دعت له الضرورة أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة، فيجوز منه المقدار الذي يندفع به الضرر ويتحقق معه المقصود.

الثاني: لا يعتبر إقرار المريض أثناء التخدير الجراحي وبعيد الإفاقة إقرارًا صحيحًا؛ نظرًا لأن شرط صحة الإقرار أن يكون المقر عاقلًا يدري ما يقول، ومن المعلوم أن المخدر فاقد للإدراك والشعور، ومن ثم فلا يصح إقراره لتخلف شرط القبول.

الثالث: لو أن المريض في حال تخديره تلفظ بكلمة الردة فإنه لا ينطبق عليه حكمها؛ لأنه غير مدرك لما يقول؛ لأن التقرر في شروط التكفير أن تصدر كلمة الكفر من العاقل والمخدر زائل العقل في حال تخديره.

الرابع: متى طلق المريض أثناء تخديره فإن طلاقه غير معتبر، وذلك لكونه فاقدًا لعقله على وجهٍ يعذر فيه شرعًا، ومن ثم فإن طلاقه لا يقع ولا يصح منه؛ لأنه كالمجنون والنائم، وقد أجمع أهل العلم على أن طلاق المجنون والنائم لا يقع فكذلك المريض المخدر بجامع فقد كل منهما للعقل بسبب مباح ومعذورٍ فيه شرعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>