للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأولى: أن يكون الإتلاف حال الحرب والقتال]

وبيان ذلك وفقًا للآتي:

١ - ما أتلفه أهل العدل: ما أتلف من الأنفس والأموال فإنه لا ضمان فيه لأنه فعل ما أمر به.

٢ - ما أتلفه أهل البغي فقد اختلف فيه الفقهاء:

أ- فيرى الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعيُّ في أحد قوليه والحنابلة أنه لا ضمان عليهم لما روى الزهري أنه قال: "كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون، فأجمعوا على أن لا يقام حد على رجل ارتكب فرجا حرامًا بتأويل القرآن، ولا يغرم ما أتلفه بتأويل القرآن" (١).

ولأنها طائفة ممتنعة بتأويل سائغ، فلم تضمن ما أتلفت على الأخرى، كأهل العدل، ولأن تضمينهم يقضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة فلا يشرع.

ب- وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى تضمينهم لقول أبي بكر -رضي الله عنه- لأهل الردة: "ترون قتلانا ولا نرى قتلاكم" (٢). ولأنها نفوس وأموال معصومة أتلفت بغير حق فوجب ضمانها كالتي أتلفت في غير حال الحرب.

الراجح: يتبين من ذلك أن الراجح هو عدم التضمين لما ذكره الجمهور من الأدلة، وأما قول أبي بكر -رضي الله عنه- فقد رجع عنه ولم يمضه، فإن عمر -رضي الله عنه- قال: قتلانا قتلوا في سبيل الله تعالى، فوافقه أبو بكر ورجع إلى قوله.


(١) أخرجه البيهقيُّ (٨/ ١٧٤).
(٢) أخرجه البيهقيُّ (٨/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>