للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو قال لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي، والمرتشي. قال الترمذيُّ: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، ورواه أبو هريرة وزاد في الحكم (١)؛ ولأن المرتشي إنما يرتشي ليحكم بغير الحق أو ليوقف الحكم عنه وذلك من أعظم الظلم (٢).

فإن قضى في حادثة برشوة لا ينفذ قضاؤه في هذه الحادثة وإن قضى بالحق؛ لأن القضاء عبادة والعبادة يجب أن تكون خالصة لله، فإذا أخذ على القضاء رشوة فقد قضى لنفسه لا لله فلا يصح قضاؤه في هذه الحادثة وينعزل بأخذ الرشوة ويعزره الإِمام بما يرى (٣).

[٤ - تحريم قبول الهدية]

يحرم على القاضي قبول الهدية ممّن لم يكن يهدي إليه قبل ولايته وإن لم تكن له خصومه؛ لأن المهدي يقصد بها في الغالب استمالة القاضي إليه ليكون الحكم في جانبه فتشبه الرشوة حينئذ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هدايا العمال غلول" (٤).

ولما روى أبو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قال اسْتَعْمَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا من الأَسْدِ يُقَالُ له: ابن اللُّتْبِيَّةِ (قال عَمْرٌو وبن أبي عُمَرَ: على الصَّدَقَةِ) فلما قَدِمَ قال: هذا


(١) سنن الترمذيُّ (٣/ ٦٢٢)، كتاب الأحكام، بَاب ما جاء في الرَّاشِي وَالمُرْتَشي في الحُكْمِ، برقم (١٣٣٦، ١٣٣٧)، وفي سنن أبي داود، برقم (٣٥٨٠).
قال ابن حجر: قال ابن العربي: الرشوة كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يحل، والمرتشي قابضه، والراشي: معطيه، والرائش: الواسطة وقد ثبت حديث عبد الله بن عمرو في لعن الراشي والمرتشي أخرجه الترمذيُّ وصححه وفي رواية والرائش. فتح الباري (٥/ ٢٢١).
(٢) المغني (١٤/ ٥٩ - ٦٠)، تفسير الطبري (٦/ ٢٣٩)، تفسير القرطبي (٦/ ١٨٣).
(٣) مغني المحتاج (٤/ ٣٩٢).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢٤)، السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ١٣٨). قال ابن الملقن: حديث هدايا العمال غلول رواه أحمد والبيهقيُّ من رواية أبي حميد الساعدي بإسناد حسن. خلاصة البدر المنير (٢/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>