للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة الخلع وهل هو طلاق أم فسخ]

لا خلاف بين الفقهاء في أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى الزوج به الطلاق فهو طلاق، وإنما اختلفوا فيما إذا وقع بغير لفظ الطلاق ولم ينو الزوج به صريح الطلاق أو كنايته ماذا يكون؟

القول الأول: أنه يكون فسخا، وإليه ذهب الشافعي في القديم والحنابلة في الصحيح والمشهور من مذهبهم (١).

واستدلوا بما روي عن ابن عباس أنه فسخ، قال الإِمام أحمد: ليس في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس أنه فسخ، وعن ابن عباس أنه -رضي الله عنه- احتج في ذلك بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢) " (٣)، فذكر تطليقتين، والخلع، وتطليقة بعدها، فلو كان الخلع طلاقا لكان أربعًا. ولحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد بحيضة" (٤)، رواه أبو داود والترمذيُّ، وما روي عن الربيع بنت معوذ -رضي الله عنهما-: "أنها اختلعت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمرت أن تعتد بحيضة" (٥)،


(١) المهذب (٢/ ٧٢)، الوسيط (٥/ ٣١١)، روضة الطالبين (٧/ ٣٧٥)، مغني المحتاج (٣/ ٢٦٨)، فتح الباري (٩/ ٤٠٢)، المغني لابن قدامة (٨/ ١٨٠)، الإنصاف (٢٢/ ٢٩).
(٢) سورة البقرة: ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٣) أخرجه البيهقيُّ (٧/ ٣١٦) عن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "سأل إبراهيم بن سعد ابن عباس عن امرأة طلقها زوجها تطليقتين ثم اختلعت منه أيتزوجها؟ قال ابن عباس: ذكر الله -عَزَّ وجَلَّ- الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق ينكحها".
(٤) رواه أبو داود [٢/ ٢٦٩ (٢٢٢٩)] وقال: "رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا"، والترمذيُّ [٣/ ٤٩١ (١١٨٥)] وقال: "حسن غريب".
(٥) الترمذيُّ [٣/ ٤٩١ (١١٨٥)] وقال: "الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة".

<<  <  ج: ص:  >  >>