للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في القضاء]

إن مكانة القضاء من الدين عظيمة، فهو يقوم على العدل بين الناس به قامت السموات والأرض وهو من جملة ما كُلّفَ به الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام قال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١). وقال الله تعالى مخاطبًا خاتم رسله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (٢). وقال سبحانه: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٣).

فولاية القضاء رتبة دينية ومنصب شرعي، وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به وأدى الحق فيه، والواجب اتخاذ ولاية القضاء دينًا، وقربة فإنها من أفضل القربات إذا وُفِيَتْ حقها فقد بين الله تعالى في الآية السابقة أنه سبحانه يحب المقسطين وأي شرف أعظم من هذا؟ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ المُقْسِطينَ عِنْدَ الله على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمِينِ الرحمن -عَزَّ وَجَلَّ-، وَكِلتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فيَ حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا" (٤). وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولاية القضاء من النعم التي يباح الحسد والغبطة عليها، فعن عَبْدَ الله بن مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ الله مَالًا فَسُلِّطَ على هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْفِي بها وَيُعَلِّمُهَا" (٥).


(١) سورة ص: ٢٦.
(٢) سورة المائدة: ٤٩.
(٣) سورة المائدة: ٤٢.
(٤) صحيح مسلم (٣/ ١٤٥٨)، كِتَاب الإمَارَةِ، بَاب فَضِيلَةِ الإِمَامِ العَادِلِ وَعُقُوبَةِ الجائِرِ وَالحَثِّ على الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْي عن إِدْخَالِ المَشَقَّةِ عليهم، برقم (١٨٢٧).
(٥) صحيح البخاري، برقم (٧٣)، صحيح مسلم، برقم (٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>