للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات؛ لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن (١).

[عقد الزواج داخل المساجد]

استحب جمهور الفقهاء عقد النكاح في المسجد؛ للبركة، ولأجل شهرته، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَعْلِنُوا هَذَا النّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ في المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ" (٢).

وأما المعنى: فهو قولهم بأن عقد النكاح في المسجد بركة، لكن يُشْكِل على ذلك أنه لو كان الأمر كذلك لحرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على عقد الأنكحة لنفسه في المسجد، ولحرص على تبيين ذلك لأصحابه وعليه، فالأظهر هنا أن يقال:

إن إنشاء عقد الزواج في المسجد جائز من حيث الأصل؛ لا سيما إن كان ذلك في بعض الأحيان، أو كان أبعد لهم عن المنكر، مما لو عقد في مكان آخر، وأما التزام ذلك في كل عقد، أو اعتقاد أن له فضلًا خاصًّا:

فهو بدعة، ينبغي التنبيه عليها، ونهي الناس عن فعله على هذا الوجه.


(١) رقم القرار: ٤، رقم الدورة: ٧ (حول تفشي عادة الدوطة في الهند)، مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي.
(٢) رواه الترمذيُّ (١٠٨٩)، والبيهقيُّ (٧/ ٢٩٠) من طريق عيسى بن ميمون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف". وهو ضعيف الإسناد، قال البيهقي بعد إخراجه: (عيسى بن ميمون ضعيف)، قال الترمذيُّ: (هذا حديث غريب حسن في هذا الباب، وعيسى بن ميمون الأنصاري يُضَعَّف في الحديث)، وفي ميزان الاعتدال (٣/ ٣٢٦): قال البخاري: "عيسى بن ميمون الذي يروي "أعلنوا النكاح" ضعيف ليس بشيء، وقال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروى عن القاسم عن عائشة -رضي الله عنها-، فقال: لا أعود! ". وقد ضعفه الألباني في الإرواء (١٩٩٣) (٧/ ٥٠)، وفي السلسلة الضعيفة (٩٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>