للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهد: هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولا أذى.

[إحياء ليلة القدر]

اتفق الفقهاء على أنه يندب إحياء ليلة القدر؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... " (١).

وأيضًا لما ثبت من فعله حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - "إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" (٢) طالبًا ليلة القدر.

وإحياء هذه الليلة يكون بالصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، وغير ذلك من سائر الطاعات، وأن يكثر فيها من قول: " ... اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (٣). كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- حين سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عما تقوله

في ليلة القدر.

[اختصاص ليلة القدر بالأمة المحمدية]

خصَّ الله تعالى أمتنا الإِسلامية بخصائص عديدة، منها ما خصها الله به في ليلة القدر، فلم تكن في الأمم السابقة، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء (٤).

واحتجوا لذلك بما رواه مالك في الموطأ: أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول: "إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ


(١) أخرجه البخاريُّ: كتاب الصوم، باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا (١٧٦٨)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام الليل (١٢٦٨).
(٢) أخرجه البخاريُّ: كتاب صلاة التراويح، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان (١٨٨٤)، مسلم: كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر (٢٠٠٨).
(٣) أخرجه الترمذيُّ: كتاب الدعوات (٣٤٣٥)، ابن ماجه: كتاب الدعاء (٣٨٤٠)، أحمد: مسند الأنصار (٢٤٢١٥)، وصححه الألباني في المشكاة (ج ١ رقم ٢٠٩١).
(٤) فتح الباري (٤/ ٢٦٣)، المجموع (٦/ ٤٤٧، ٤٤٨)، الفواكه الدواني (١/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>