قد يحصل سوء معاشرة من الرجل لزوجته فلا يعاشرها بالمعروف وذلك بأن جفاها أو ترفع عليها، أو قصر فيما وجب لها عليه من نفقة أو بيت مثلًا، أو توقع من نفسه حصول ما يسوؤها، فإن لم يكن ذلك عن إساءة منها إليه، فهذا نوع نشوز منه لها، والواجب عليه أن يمسك عن ذلك، ويعاشرها بمعروف أو يفارقها بإحسان، ولا يجوز له أن يعضلها أو يضارها ليأخذ منها شيئًا أو لتتنازل له عن بعض حقوقها، لقوله تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، وقوله:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩]. وللزوجة إذا تحققت من زوجها النشوز أو الإعراض عنها، أو توقعت ذلك منه، ورغبت في البقاء معه لمصلحة تراها: أن تصالح زوجها على التنازل عن بعض حقوقها عليه، أو على مال تدفعه إليه ليبقيها في عصمته، لقوله تعالى:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء: ١٢٨]. ولقوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤]. ولأن سودة تنازلت عن ليلتها لعائشة لتبقى زوجة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر ذلك، ولا حرج على الزوج فيما تصالحا عليه إلا أن يكون عن مضارة منه لها (١).
فإذا كانت المرأة هي التي نشزت فتركت الحقوق التي ألزمها الله بها لزوجها دون أن يكون منه إليها ما يسوؤها وعظها ثم هجرها ثم أدبها، فإن أطاعته عاشرها بالمعروف، وإلا جاز له أن يضارها حتى تفتدي نفسها منه، فيطلقها أو يخالعها على
(١) أحكام الخلع في الفقه الإِسلامي، تقي الدين الهلالي، (ص: ٦٢).