للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرناه فإنه لا يمكن إثبات براءة الرحم بالوسائل الحديثة وذلك لما يلي:

أولًا: أنه أمر إلهي يجب تنفيذه أدركنا العلة منه أم لم ندركها، قال تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥]، أي: مدته، وهي المبينة سابقًا.

ثانيًا: أن هذه الأحكام ربطها الله تعالى بعلامات محددة يستوي فيها الحاضر والباد ومن لديه معامل ومن ليست له، وهي صالحة في كل زمان ومكان، والأحكام إنما تعلل بالعلل المنضبطة.

ثالثًا: أن من حكمة معرفة براءة الرحم من الحمل الحفاظ على الأنساب حتى لا تختلط، هذا مع ملاحظة الفرق بين الحكمة والعلة، فالحكمة لا يمكن أن يعلل بها لعدم انضباطها بخلاف العلة.

وبهذا ندرك أن في تشريع العدة حكمًا متعددة منها: التأكد من براءة الرحم، والحرص والحفاظ على الأنساب والأعراض، وإمكانية المراجعة في حال الطلاق، كما أن هذا الانتظار فيه تقدير واحترام لتلك العشرة السابقة معه، وحتى لو كان حيًا، مما قد يكون له الأثر النفسي على المرأة نفسها حتى تستطيع أن تتقبل حياة جديدة مع إنسان جديد، ومن أجل أن يحصل النسيان حتى يمكن التآلف مع هذا الشخص الجديد الذي ربما يكون يختلف عن الأول في جوانب عديدة؛ ولهذا فإن المعرفة بثبوت أو بنفي الحمل مبكرًا بالوسائل الحديثة لا تكفي للنصوص الصريحة؛ ولتلك الحكم الظاهرة (١).


(١) أحكام النوازل في الإنجاب، د. محمَّد بن هائل بن غيلان المدحجي، (ص: ١١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>