للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد على ذلك مستقبلًا، وأصبح هؤلاء الحجاج والقائمون على العناية بأمورهم وترتيب أحوالهم إذا طبقوا هذه السنة وهي المبيت ليلة التاسع بمنى والانصراف أو الدفع من منى إلى عرفات بعد طلوع الشمس من يوم عرفة، يجدون مشقة وعسرًا شديدًا، وبعض الحملات ربما لا يصلون إلى عرفات إلَّا في حدود الساعة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة ظهرًا أو بعد العصر، فما يصل الحجاج إلى عرفات إلَّا وهم في حالة من التعب شديدةٍ، ثم إذا وصلوا عرفات وجاء وقت الدعاء والتضرُّع الذي هو أعظم المواقف التي يقول فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -:"خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ" (١)، إذا بهذا الحاج في قمة الإنهاك والتعب والمشقة، وإذا هو يبحث عن الراحة، ولو أنه جاهد نفسه ودعا فإنه لا يكون في حالة من الإقبال على الله -سبحانه وتعالى-، واستحضار التضرع والخشوع والإنابة إلى الله -عَزَّ وجَلَّ-، والطمع فيما عنده، فمن أجل ذلك يرى بعض أهل العلم أن الأولى لهم أن يتركوا المبيت بمنى ليلة التاسع؛ من أجل أن يحصلوا على أعظم مقاصد الحج وهو الإقبال والدعاء والتضرع والإخبات إلى الله -سبحانه وتعالى-، في يوم عرفة.

والذي يظهر لنا أن الأمر يختلف حسب قدرة الحجاج وتيسُّر وصولهم إلى عرفات، ونحن نشاهد كثيرًا من الحجاج يصلون في زمن قياسي إلى عرفات ولا يأخذون في الطريق من منى إلى عرفات إلَّا في حدود الساعة فقط.

الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس لمن وقف نهارًا:

قال أهل العلم: إذا خرج الحاج قبل غروب الشمس من عرفة تعيَّن عليه الرجوع، فإن لم يرجع ففيه خلاف بين أهل العلم، ذهب بعضهم إلى أن عليه دمًا، وقال آخرون: لا دم عليه؛ إذا لا دليل على ذلك، لكنه أخطأ وخالف السنة.


(١) رواه الترمذيُّ (٣٥٨٥)، وصححه الألباني في المشكاة (ج ٢ ح رقم ٢٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>