للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأدلة وغيرها تدل على أن الوتر سنة مؤكدة.

القول الثاني: ذهب أبو حنيفة (١) إلى أن الوتر واجب، واستدل على ذلك بأدلة منها:

أولًا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا" (٢).

ثانيًا: حديث عمرو المتقدم ذكره وقوله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر ... " (٣). قالوا: الأمر هنا للوجوب.

ثالثًا: أنها صلاة مؤقتة، وقد جاء في السنة ما يدل على أنها تقضى.

والصحيح من القولين هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من أن الوتر سنة مؤكدة؛ لقوة الأدلة، وما احتج به أصحاب القول الثاني؛ فهو إما أن يكون حديثًا ضعيفًا، أو أن الاحتجاج به في غير المراد.

وقولنا بأنه سنة مؤكدة لا يعني التقليل من شأنه، بل على الإنسان المسلم أن يحرص على الوتر كل الحرص، فلا يتركه عمدًا، قال الإِمام أحمد: "من ترك الوتر عمدًا فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل شهادته" (٤). فأراد بهذا أن يبالغ في تأكيده على الوتر.

[٣ - وقت الوتر]

اتفق الفقهاء على أن وقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كما اتفقوا على أن أفضل وقته هو السَّحَرُ؛ لقول عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: "من كل الليل قد


(١) فتح القدير (١/ ٣٠٠ - ٣٠٣).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الوتر، باب فيمن لم يوتر، برقم (١٤١٩).
(٣) أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (٦/ ٧)، رقم (٢٣٩٠٢).
(٤) المغني (٢/ ٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>