يرى عامة الفقهاء من الشافعية والحنابلة أنه إذا صحت الحوالة فإن ذمة المحيل تبرأ بذلك ولا حق للمحال في الرجوع إلى المحيل، ولو تعذر استيفاء الحق لمطل أو فلس أو موت. ويرى المالكية أن ذمة المحيل لا تبرأ وللمحتال الرجوع عليه إذا كان المحال عليه مفلسًا ولم يعلم المحتال بذلك.
ويرى أبو حنيفة أن المحال يرجع إلى المحيل فيما إذا مات المحال عليه مفلسًا أو إذا جحده وحلف عليه عند الحاكم. وأضاف أبو يوسف ومحمَّد حالة أخرى: وهي فيما إذا حجر عليه لفلس (١).
والراجح من ذلك: أنه إذا كانت الحوالة برضا المحتال والمحال عليه مليءٌ فإنه لا يرجع على المحيل؛ لأن ذمة المحيل قد برئت بمجرد الحوالة وانتقل الدين، أما إذا كانت بدون رضا المحَال والمحال عليه مفلسٌ أو ميتٌ فإنه يرجع على المحيل؛ لأن المحال عليه لم يكن مليئًا، ولا يلزمه قبول الحوالة على غير مليء؛ لما عليه فيه من الضرر.
[التحويل البنكي]
كان الناس في السابق يقومون بتحويل نقودهم بطريقة تسمى (السُّفْتجة) بضم السين وسكون الفاء؛ وهي كلمة فارسية معربه، أصله سفته: وهو الشيء المحكم سمي بذلك؛ لإحكام أمره، ويسميها المالكية:(البالوصة) وصورة ذلك: أن يدفع شخص مالًا إلى أخر ليعطيه به خطابًا ليقبض بدلها في بلد آخر، وكان الدافع لهم على عمل ذلك الأمنَ من خطر الطريق؛ حيث يكون في نقل النقود خوفٌ عليها وعلى حياة من هي معه.
(١) شرح فتح القدير، لابن الهمام (٦/ ٣٥١)، وجواهر الإكليل (٢/ ١٠٨)، وروضة الطالبين (٧٠٧)، والمغني، لابن قدامة (٧/ ٦٠).